هل تحنّ عبرا إلى زمن الأسير؟

08:192014/06/23
A
|
A
|







آمال خليل -إنقضى عام كامل على معركة إزالة مربّع الشيخ الفار أحمد الأسير في عبرا. قبل المعركة بأيام، شاهد إبراهيم موت والده محمد حشيشو، أمام ناظريه في باحة منزلهما، برصاصة طائشة أفلتت من اشتباك الأسير مع حارة صيدا. لكنه عضّ على جرحه ونجح في امتحان الشهادة الرسمية التي تقدم إليها بعدها بأيام قليلة، وأكمل خطواته نحو المستقبل. شقيقته الصغرى التي يُتمت وهي في عامها الثاني، كبرت أيضاً ودخلت المدرسة.لكن الدعوى التي تقدمت بها عائلة حشيشو ضد الأسير بجرم القتل، لم تكبر، لا بل قزمت حتى تكاد تتلاشى في درج النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب، يقول شقيقه علي. لا يهتم الأخير ليُتم أطفال شقيقه الأربعة، بقدر ما يقلق من احتمال تكراره مع مظلومين آخرين. يقول إن محمد «مات مظلوماً ودفع ثمن الطائفية التي لا يعرفها». عجيبة أن الشهيد صيداوي فيما والدته وزوجته جنوبيتان، باتت أيقونة في زمن الأسير، فيما لم يتنبه اليها هو نفسه من قبل. قيادة الجيش وأهالي جنوده الذين استشهدوا على مذبح مسجد بلال بن رباح، أمضوا عطلة نهاية الأسبوع في إحياء ذكراهم من الجنوب إلى البقاع وعكار. في رأس بعلبك، حوّلت البلدية وفوج المغاوير ذكرى استشهاد الملازم أول المغوار جورج أبو صعب إلى حديقة للأطفال، حملت اسمه. أما عبرا، فقد تجمع جيران المسجد على أنقاض المربع المزال، بين مبان تحاول إخفاء آثار المعركة ونيرانها. ظنت عبرا أن الجيش والقرار السياسي أخافا فزاعة الأسير، لكنها فوجئت استبدالها من قبل البعض بفزاعة رمضان. في إشارة إلى الجدل الدائر حول دعوة رئيس بلديتها الى احترام خصوصية شهر الصوم القريب.«احترنا معهم». قال أحد المقيمين في عبرا الضيعة، مستغرباً انتقاد أطراف مسيحية وإسلامية على السواء، تمني رئيس البلدية وليد مشنتف على المقيمين ضمن نطاقها العقاري احترام تقاليد شهر رمضان بعدم المجاهرة بالإفطار. ظن كثيرون من أبناء البلدة التي تحررت من ولاية الأسير المتشددة، أن مبادرة مجلسها البلدي، ستلقى ثناءً، باعتبار أن أبناء عبرا الضيعة المسيحيين وعبرا الجديدة المتنوعين مذهبياً «مندمجون اجتماعياً منذ عقود قبل ظاهرة الأسير الاستثنائية».ما دفعهم إلى التساؤل: «هل يحن البعض إلى زمن الأسير؟». وهؤلاء برأيهم، هم الذين انتقدوا الدعوة بخلفيات مذهبية أو سياسية «بدل شكرها وطي صفحة الفتن المذهبية وعدم استبدال الفتنة السنية ــــ الشيعية التي روج لها الأسير إلى فتنة مع المسيحيين». مشنتف نفسه رأى أن دعوته «متلائمة مع أسس العيش المشترك، ومثلما يشاركوننا في أعيادنا، من واجبنا معاملة المسلمين بالمثل»، نافياً أن تكون لها خلفيّات سياسيّة أو طائفيّة. وأشار مشنتف إلى أنه قصد بالكتاب المقيمين في عبرا الجديدة، وهم في غالبيتهم العظمى من صيدا والجنوب. برغم توضيحه المبكر، لم يسلم مشنتف من هجوم حزب الكتائب والمواقع التابعة لقوى 14 آذار وغيرها، قبل أن تنطلق أصوات مماثلة من صيدا. الموقف اللافت جاء من النائب السابق أسامة سعد، الذي رأى أن كتاب مشنتف «يتعارض مع الحريات الشخصية والقوانين اللبنانية وشرعة حقوق الإنسان. ومن غير الجائز لأي كان أن يسعى إلى فرض آرائه ومعتقداته على الآخرين بأي وسيلة من الوسائل». أما المواقع القريبة من تيار المستقبل، فركزت في نقدها للكتاب على كونه «تلبية لكتاب مفتي صيدا المكلف الشيخ أحمد نصار الذي وجهه إلى البلدية، والذي يدعوها إلى الإيعاز لمن يهمه الأمر بإظهار زينة البهجة لاستقبال رمضان والتعميم باحترام خصوصية الصائمين». كثيرون تنصلوا من كتاب نصار، وعدّوه إساءة إلى المسلمين. نصار أوضح في اتصال مع «الأخبار» أن الكتاب المرسل إلى بلدية عبرا، أرسل في الوقت ذاته إلى بلدية صيدا وعدد من الجمعيات الفاعلة في المنطقة، لكنه أسقط النيّات السياسية على الحملة التي استهدفته بعد زيارته للنائب ميشال عون في الرابية. تلك المواقف المنتقدة، قابلتها مواقف متضامنة، أبرزها من المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في صيدا والجنوب، بسام حمود، الذي شن هجوماً على المنتقدين، مثنياً على الخطوة التي «تجسد المعنى الصحيح للتعايش ومراعاة مشاعر الآخرين»، لكن مشنتف سئم ردود الفعل المتباينة وقرر سحب كتابه. ومن المقرر أن يجتمع المجلس البلدي اليوم، لمتابعة تداعيات الحملة والتصويت على سحب الكتاب من التداول.


على مدار الساعة
على مدار الساعة
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني