من المستقبل (حياة ابو فاضل)

08:352014/06/26
A
|
A
|







حياة ابو فاضل - ماذا سيقول أحفادنا في الزمن الآتي لمّا سيقرأون عن حروبنا المذهبية في القرنين العشرين والحادي والعشرين، عن مجازر متبادلة بين السنة والشيعة حيث المذاهب المسيحية تُهجّر كي لا تواجه مصيراً أسود داخل أوطان تتفتت الى مساكب مذهبية مستباحة كأنها مراع لقطعان ماعز وخراف؟ ماذا سيقولون عن طبيعة بشريّة لا غيّرها الزمن ولا العلم ولا التكنولوجيا ولا حتى الأديان التي لمّا صارت في متناول فهم الإنسان المحدود، فصّلها على قياسه، مرتكباً بإسمها على مر العصور جرائم لا علاقة لها أبداً بتطور وعي إنساني لعمق الوجود.وكما المحمدية، مرّت المسيحية في قرون سابقة بحروب وجنون سيطرة حتى على مساحات سماء وجنة وجهنم ومطهر، وحيث "إرهاب" يمارس في جردة حساب لكل منتقل الى العالم الآخر في زيارة حتمية لسماء في جواريرها تفاصيل ما سطّر الإنسان خلال حياته. وظلّ ما علمّ السيد المسيح بعيداً من ممارسات مؤمني الشرق والغرب، حتى فصل الدين عن الدولة في "أوروبا" تبنت العلمنة بعد ثورات إجتماعية رفضت هيمنة الدين على الدولة.وحدّث ولا حرج عن يهودية متزمتة لا تحمل أفقاً لمحبة أو لمسامحة أو لقبول الآخر. وحمّلت المرأة وزر ما سمته "الخطيئة الأصلية"، فهي من سحبت الرجل من نقاء وجودي الى اختبار الشر الذي جسّدته أسطورة آدم وحواء في سفر تكوين اعتمدته المسيحية ثم المحمدية لاحقاً كركيزة لتعاليمهما فحالت دون تطور فكر ديني بني على "خطيئة" الثنائي البشري الأول على أثر عصيان أمر إلهي بعدم تذوّق ثمرة شجرة المعرفة، إلا ان حواء شريكة آدم، أصغت الى حيّة أخبرتها عن أبعاد لذة ثمرة المعرفة، فذاقتها وأذاقتها لآدم، وطردا من الجنة الى أرض شقاء وتعب ودموع.ما رأي أحفادنا مستقبلاً في خبريات إيمان ملتبس، حقول الخوف فيه معطاءة أكثر من حقول الاطمئنان؟ ألا تستحق الحياة منا نظرة جديدة الى "إيمان" ما بلغ يوماً مساحة القلب، فأخذ الإنسان باستمرار الى حروب إفناء متبادل، نشهد اليوم في شرقنا على أشدها فتكاً وظلماً؟ ألا نستحق أفقاً جديداً يواكب قفزات العلم والتكنولوجيا والفنون التي بلغها العقل البشري فنخرج الى فرح الحياة خارج شعور بذنب أزلي إقترفه آدم برفقة حواء، نعاني نتائجه خوفاً مكبوتاً تنبت منه كل أشكال الشرور؟في الأسطورة الأوغاريتية السورية المكتشفة في أوغاريت عام 1929، منقوشة على لوحين من طين، تم تفكيك رموزها على أيدي عالمين من هولندا عام 1970، ان آدم الاله الذي أرسله "إيل" رئيس الآلهة الكنعاني الى الأرض لوضع حدّ لشرور حورون الذي سمّم شجرة الحياة، فكان ان حوّل نفسه الى ثعبان لدغ آدم وحرمه طبيعته الالهية. الا ان الشمس أهدت الى آدم رفيقة، إمرأة، كي تتكاثر البشرية ويستعيد بعضاً من طبيعته الالهية الخالدة. وهذا رائع، فما من خطيئة أوغاريتية في اختبار الألوهة لحياة الأرض.والى أن تنكشف الحجب أمام الوعي البشري فيدرك ان مصدر الوجود دائماً واحد، طاقوي، هو الأب والأم معاً، وكل الكائنات منه، من كيانه الواحد، سيظل الإنسان يقتل الإنسان لألف سبب وسبب... لو سألتم ذات يوم يا أحفادنا.


على مدار الساعة
على مدار الساعة
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني