الأمن العام اللبناني “عيد مُستحق”

10:202016/08/15
A
|
A
|

بقلم الكاتب والسياسي دافيد عيسى       

                                                                                                    

يختلف اللبنانيون على امور كثيرة وهذا طبيعي في مجتمع تعدّدي تتنازعه الميول والأهواء والولاءات السياسية.

ونادراً ما يتفقون في نظرتهم وتقييمهم لسياسي او مسؤول او مؤسسة عامة ويجمعون على الإشادة بها والثناء على نجاحاتها وانجازاتها.

في غضون سنوات قليلة حقق الأمن العام قفزة نوعية وتقدماً كبيراً ليصبح جهازاً امنياً حديثاً ومتطوراً ومنتجاً، ويضفي على دوره الأمني ابعاداً وطنية واجتماعية وانسانية.

وفي خلال فترة زمنية وجيزة، انتقل الأمن العام من ضفة الى اخرى ليصبح مثالاً مؤسساتياً يُحتذى به محققاً الإنجازات التالية:

  • عملية تطوير وتحديث على المستويات الإدارية والتقنية والتكنولوجية ادت الى تشريع المعاملات وانجازها بأدق المواصفات والمعايير والى رفع مستوى الخدمات وتنويعها ومكننتها ما ادّى الى اختصار الكثير من الوقت وتوفير الكثير من الجهد على المواطنين.
  • اقامة علاقة مباشرة مع المواطنين مبنية على الثقة والإحترام، فالأمن العام هو المؤسسة الأمنية الأكثر تماساً مع المجتمع المدني والأكثر التصاقاً بقضاياه واموره، ولقد نجح في اكتساب ثقة الناس لسبب بسيط وهو انه احترم الكرامة الإنسانية واقام المساواة والعدالة في كل الإجراءات والتدابير المُتخذة، فليس هناك من مسافات فاصلة وقيود بيروقراطية ونظرات فوقية واستعلائية، وكل صاحب حق ينال حقه وكل صاحب معاملة يحصل على معاملته في الوقت المحدد ومن دون إبطاء، من دون ان يطلب واسطة من احد ومن دون ان يشعر لمرة ان ما يحصل عليه هو منّة من احد ومن دون ان يُطلب منه الاّ التقيّد بالأنظمة والقوانين.
  • تطبيق مبادئ عمل وتعامل في الامن العام قائمة على القيم الوطنية والأخلاقية، وكل مسؤول وفرد في هذا الجهاز يُقاس بما هو عليه من مناقبية وكفاءة وولاء للوطن والدولة من دون اي ولاءات اخرى.

وبالفعل نجح مدير عام الامن العام في تنفيذ ما وعد به في اليوم الأول لتسلّمه هذه المديرية عندما تحدث عن “ضرورة الإفتخار بالإنتماء الى هذه المؤسسة لأنه من المهم جداً رد الثقة للمواطن بالموظف الرسمي والعسكري وبالإدارة بشكل عام وبالتالي رد ثقة الموظف بنفسه وبمؤسسته وخصوصاً ثقته بالأمن العام.

ولطالما ردّد اللواء عباس ابراهيم بأن التزام الأمن العام بخدمة المواطن يُعتبر واجباً وليس منّة وان كفاءة الأمن في ابعاده المختلفة قد تكون استبداداً اذا ما غالينا في وضع وتطبيق الإجراءات وفوضى اذا ما تساهلنا فيها، وقد تتحول امناً وقائياً يُحدد باستراتيجية مرنة وتوازن بين حقوق الأنسان وامنه باوجهه كافة.

  • تعزيز دور الأمن العام في محاربة ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وانخراط هذه المؤسسة بشكل قوي وفعّال في عملية الحفاظ على الأمن والإستقرار في البلد انطلاقاً من الإمساك بالمعابر البرية والبحرية والجوية وابقائها تحت مراقبة شديدة لمنع تسرّب وتسلّل الإرهاب الى الداخل اللبناني. ومن خلال وضع آلية فعّالة لمراقبة الحدود والمنافذ الحدودية. ولهذه الغاية جرى تعزيز امكانات الأمن العام وقدراته على مستويات التدريب والتجهيز والإعداد وبما يتناسب مع مسؤولياته ومهماته الجديدة.
  • المشاركة في صنع القرارات السياسية والإستراتيجية من خلال آليات مبتكرة واجراء مراجعة متواصلة لحسن تطبيق الإستراتيجية المعتمدة مع محطات تقييم للأداء ونظام اتصال على جميع المستويات في مختلف الأوجه والظروف.

 

ان انشطة وانجازات الأمن العام في السنوات الماضية كانت مبنية على اساس رؤية مستقبلية للبنان اختصرها اللواء عباس ابراهيم في عبارة واحدة “نريد وطناً محمياً من التهديدات وافضل الخدمات للمواطنين والمقيمين وعلى اساس خطة شاملة تُعتبر الأولى من نوعها في المؤسسات العامة، وهدفت لمواكبة التطور العلمي والمهني والأمني في مديرية الأمن العام، واعتُبرت بمثابة مخطط استراتيجي جرى اعداده عبر دراسة معمّقة للأمن العام في لبنان بأوجهه كافة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعسكرية والبيئية والثقافية والمالية والغذائية وصولاً الى استراتيجية امن وطنية تؤمن الإستقرار والسلام والتطور لهذا البلد.

لا نبالغ ولا نجامل اذا قلنا ان ما تحقق لم يكن ليتحقق لولا اللواء عباس ابراهيم وما بذله من جهود مضنية وما تميّز به من رؤية ثاقبة وما اظهره من حسّ وطني ونزعة انسانية في آن. واودّ هنا ان اتوقف مليّاً عند امر يتعلق بالتقدير الكبير الذي يكنّه اللبنانيون عامة والمسيحيون خاصة للواء ابراهيم.

وبكل صدق وصراحة اقول ان المسيحيين لم يستسيغوا ولم يتقبّلوا واقع ان تخرج مديرية الأمن العام من حصتهم ومراكزهم في اطار التوزيع الطائفي للمراكز الأساسية.

ولكن التجربة مع اللواء ابراهيم انستهم هذا التذمّر لا بل رسّخت لديهم قناعة بأن المراكز لا تُقاس بالهوية الطائفية والمناطقية لمن يتولاها وانما بهويته الوطنية حيث الولاء للوطن يعلو فوق اي ولاء وحيث خدمة المواطن هي الهدف والغاية.

لقد قدّم اللواء ابراهيم نموذجاً يُحتذى في كيفية ادارة مرفق عام ومؤسسة امنية بطريقة مسؤولة تحفظ التوازن والحقوق. وعلى سبيل المثال لا الحصر نورد هذه الوقائع:

  • جرى في مؤسسة الأمن العام مراعاة مقتضيات التوازن الطائفي على كل المستويات والى درجة ان الأمن العام لم يعد مشمولاً بالشكوى المسيحية من تقلّص الحضور والتهميش وتغيير وجه الإدارات ولم يقتصر الأمر على التوازن الإداري وانما شمل ايضاً تطبيق مبدأ الإنماء المناطقي المتوازن عبر انشاء واستحداث مراكز للأمن العام في كل المناطق خصوصاً في كسروان وجبيل والمتن.
  • الدور الحاسم والجهد المركز للواء ابراهيم في اطلاق سراح راهبات معلولا وتحريرهن من ايدي الخاطفين والإرهابيين، هذان الدور والجهد لن ينساهما المسيحيون وقد حُفرت واقعة الخطف والتحرير في وجدانهم الجماعي وصارت جزء من ارث تاريخي حافل بالأخطار والأمل.
  • الإهتمام بقضية الوجود المسيحي في لبنان والشرق والبحث عن افضل السبل لحماية هذا الوجود من مخاطر الإرهاب والتطرّف وحفظ دور لبنان كوطن رسالة.

وفي هذا السياق يندرج انفتاح اللواء ابراهيم على كل المراجع المسيحية في لبنان والعالم وصولاً الى الفاتيكان حيث يكنّ له قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس وكبار المسؤولين هناك تقديراً خاصاً وكان موضع تكريم استثنائي لم يحظ به اي مسؤول سياسي او امني.

 

وبعد كل ما تقدم وفي ضوء كل ما قلناه عن تجربة واستناداً الى واقع ملموس، نقول ان عيد الأمن العام هذه السنة هو عيد مُستحق ويحق للقيّمين على هذا الجهاز وعلى رأسهم اللواء عباس ابراهيم الإحتفال بهذا العيد وما يمثّله من معانٍ وطنية ويتباهوا بما تحقّق من انجازات وطنية.           

 


على مدار الساعة
على مدار الساعة
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني