التوافق أنتج الحكومة الجديدة

13:462016/12/30
A
|
A
|

فؤاد مخزومي

لفت رئيس حزب الحوار الوطني المهندس فؤاد مخزومي إلى أن توافقاً كاملاً حصل بين الأقطاب السياسية وأنتج العهد الجديد، متمنياً أن ينسحب هذا التوافق على تشكيل الحكومة سريعاً، ذلك أن العهد لا يستطيع الانطلاق بقوة بلا حكومة متفق عليها. وأكد أن الرئيس المكلف سعد الحريري يعمل على نحو صحيح ومطلوب عبر سعيه لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء، متمنياً على المعطلين أن يصلوا إلى قناعة أن مصلحة لبنان تكمن في صدق النيات والمضي نحو تفعيل العمل الحكومي، لأن صورة البلد أمام العالم ليست على ما يرام، فالاقتصاد بخطر والموازنة غائبة وغيرها من المشاكل التي يجب علينا حلها لإعطاء صورة إيجابية أمام العالم.

ورداً على سؤال إن كانت السياسة مؤخراً أصبحت تصنع في الداخل. أكد مخزومي أن الجغرافيا لا يمكن فصلها عن السياسة، مشيراً إلى أن المنطقة تشهد تغيرات كثيرة، علماً أن مؤشرات إيجابية بدأت ملامحها بالظهور مع الحديث عن قرب الاتفاق الروسي – الأميركي، لكنه شدد أننا بانتظار العهد الأميركي الجديد لنعرف التوجه السياسي للولايات المتحدة بشكل واضح. وأكد أن العالم سئم من المشاكل التي تحدث في الداخل اللبناني فدفعنا إلى الحوار الداخلي وقد ظهرت بوضوح الموافقة الخارجية على التسوية.

كلام مخزومي جاء خلال مقابلة عبر قناة “المستقبل” ضمن برنامج “انترفيوز” مع الإعلامية بولا يعقوبيان، حيث لفت إلى أن المواطن يسأل اليوم عما إذا كانت المشكلة تكمن في الحقائب وتوزيع الحصص، لكننا نؤكد أن الموضوع أبعد من ذلك بكثير وهو يتصل بهواجس الأقطاب السياسية من مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في ماهية قانون الانتخاب الذي يحاول الجميع وضعه في الظل، لكنه عملياً يقع في صلب الاتصالات والمشاورات التي تجري حالياً لتشكيل الحكومة التي ستكون مهمتها وضع قانون جديد لإجراء الانتخابات النيابية على أساسه.

ولفت مخزومي إلى أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري بدأ ببناء الدولة في العام 1992 بتوافق إقليمي، ولكن بعد 24 عاماً لم نصل إلى نتيجة إيجابية بسبب عدم تطبيق اتفاق الطائف الذي تعرض لمحاولات إضعافه بعد اتفاق الدوحة والثلث الضامن. ولفت إلى أن الفرصة أمامنا اليوم للمباشرة في بناء الدولة من جديد، خصوصاً بعد مبادرة الحريري التي دعمت وصول عون إلى رئاسة الجمهورية وأدت إلى تكليفه تشكيل الحكومة، الأمر الذي حال دون الوصول إلى مؤتمر تأسيسي. لكنه أكد أن عدم دعم العهد والإسراع في تشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات النيابية سيؤدي مجدداً إلى الوصول إلى المؤتمر التأسيسي. وتمنى أن تأخذ كل الأقطاب السياسية الأمور بإيجابية وأن لا تعود إلى الوراء للوقوف على النوايا بل أن تسعى باتجاه تثبيت ودعم المؤسسات من خلال التعاون والتضامن في ما بينها لتحقيق مصلحة لبنان.

وفي سؤال عن دور المواطن المتفرج على المحاصصات والصفقات والفساد الذي اعترى مؤسسات الدولة، أكد مخزومي أن المواطن لم يعد متفرجاً بعد اليوم وأنه أصبح على درجة كبيرة من الوعي، خصوصاً بعد الحراك المدني الذي واجه ملف النفايات والرغبة في التغيير التي برزت في بيروت خلال الانتخابات البلدية، مشيراً إلى أنه منذ العام 1992 وحتى الآن ترواحت نسبة المشاركة في الحياة العامة بين الـ20 إلى 28%، ذلك لأن المواطن لا سيما فئة الشباب من المتعلمين والمثقفين والتي تفوق نسبتهم في بيروت الـ80% كانوا يعتبرون أن دورهم مهمش وأن التغيرات السياسية لا تعنيهم بسبب عدم وجود آليات المراقبة والمحاسبة والشفافية. ولفت إلى أن الوضع اليوم مختلف، فالجميع يراهن على شفافية العهد الجديد وإيجابية الرئيس المكلف وإصرارهما على المباشرة بالتغيير، معتبراً أن التغيير يتمّ فعلياً من خلال قانون الانتخاب الذي يعطي الفرصة للشباب في ما بعد للمشاركة في الحياة العامة.

ولفت مخزومي إلى أن الخطاب الطائفي يحجز للاعبين السياسيين أماكنهم في السلطة، فمنذ العام 2005 إلى اليوم شهد لبنان انشقاقاً عامودياً تمترست معه الطائفية والمذهبية وولدت شرخاً طائفياً تمثل بأحداث 7 أيار وما تبعه من أزمات داخلية. وأكد أن كل ذلك كان بسبب قانون الستين الأكثري وغير المنصف، معتبراً أن المدخل الأساس للتغيير يبدأ من تغيير القوانين الانتخابية التي لا تزال على حالها منذ استقلال لبنان إلى اليوم.

 ورداً على تحالفه مع الحريري خلال الانتخابات البلدية في بيروت وعدم اتجاهه إلى دعم المجتمع المدني، أشار مخزومي إلى أننا نؤمن تماماً بالمجتمع المدني وندعمه على جميع المستويات من خلال حزب الحوار الوطني ومؤسسة مخزومي وجمعية بيروتيات، لكن الهدف من التحالف مع الحريري كان إعادة جمع الطائفة السنية التي تعتبر أنها هُمشت خصوصاً بعد أحداث 7 أيار، لافتاً إلى أن هذا التحالف كان ضرورياً لأن الطائفة السنية في بيروت شئنا أم أبينا تعتبر أن عائلة الحريري أساسية في البلد. وعلى هذا الأساس أيضاً تم التعاون لحل مشكلة دار الفتوى والتدخلات السياسية فيها وتوصلنا بالنتيجة إلى انتخاب المفتي عبد اللطيف دريان. وشدد مخزومي على أنه لبناني بامتياز ولكن إذا كنا نريد المشاركة في الحياة العامة وتالياً الدخول في عملية التغيير في ظل هذا الجو الطائفي علينا أن نبدأ من قاعدتنا وتحديداً من خلال الطائفة السنية. وأكد مخزومي أننا شاركنا في الانتخابات البلدية من دون وضع أية شروط ونجحت مرشحتنا السيدة هدى الأسطة قصقص التي بدأت بالعمل الفعلي سعياً للتغيير، معتبراً أنه ليس باستطاعتنا التغيير ما لم نكن داخل السلطة.

وأشار مخزومي إلى أنه في حال إقرار القانون النسبي فإن ذلك سيكون مقدمة للقضاء على مظاهر الطائفية والمذهبية التي تحجمنا وتكبّل كل مساعينا نحو التغيير.

وأشار مخزومي إلى أن الوضع في لبنان لا يمكن أن يكون أسوأ مما هو عليه اليوم، فالمرجح أن أي تغيير في المنطقة سواء كان في السياسة الأميركية، بعد انتخاب دونالد ترامب، أم غيرها سيكون إيجابياً ولمصلحة لبنان على المدى الطويل. ولفت إلى أن المنطقة ككل ترزح تحت وطأة الأزمات في سوريا والعراق واليمن وليبيا، وحتى مصر التي تعاني من مأزق اقتصادي كبير. وأكد أن الشعارات الانتخابية في أميركا هي غيرها بعد تسلم السلطة، ففي أميركا هنالك إدارة ومؤسسات وما يقال في فترة الانتخابات لا ينفذ كما هو، لافتاً إلى استبدال ما يسمى بالمحافظين الجدد بالمتدخلين الجدد وهذا ما يتناقض مع برنامج ترامب الانتخابي خصوصاً وأن الأشخاص الذين عينهم أو ينوي تعيينهم في الأمن القومي ووزارة الدفاع و”السي أي إي” وغيرها يعتمدون سياسة التدخل. ودعا إلى انتظار ما ستؤول إليه التسويات المرتقبة في المنطقة.

وتابع: لطالما آمنا في مؤسسة مخزومي بالحراك المدني والشعبي وتمت محاربتنا سياسياً بسبب ذلك، ولأننا لم نكن طائفيين، وما قمنا به من مؤتمرات لتسليط الضوء على ملف النفط والغاز كان لدعم المجتمع المدني. وأشار إلى أن نسبة الشباب العاطلين عن العمل في مجتمعنا بلغت 34% والكثير منهم يفكرون بالهجرة، وللأسف نوعية التعليم المتاحة في لبنان لم تعد مطلوبة في أسواق العمل الخارجية كدول الخليج مثلاً والتي كان معظم اللبنانيين يتوجهون إليها في السابق. ودعا إلى وضع برنامج واضح وصريح لملف النفط وأن يكون المجتمع المدني هو العين الساهرة لمنع السياسيين من الاستيلاء على هذه الثروة.

 وحول سبب اهتمامه بملف النفط والغاز والمنفعة التي ستعود عليه من هذا الملف خصوصاً وأنه رجل أعمال ورئيس تنفيذي لمجموعة المستقبل لصناعة الأنابيب. أكد مخزومي أنه عند تبنيه ملف النفط والغاز لم تكن لديه أي أعمال في البلد بل كان هدفه الأول حماية مصالح اللبنانيين وخصوصاً الشباب فهذه الثروة من حق الجيل الجديد. وأشار إلى أن إمكانية استخراج النفط أكبر بكثير مما يجري الحديث عنه والقوانين والشروط التي توضع اليوم لا تغطي إلا قسماً مما يمكن استخراجه، لافتاً أنه ليس من مصلحة لبنان اليوم ترسية العقود واستخراج النفط في ظل الأسعار والتكلفة الحالية لذلك من الأفضل الانتظار حتى ترتفع الأسعار لكي تكون نسبة الربح أكبر.

ولفت إلى إطلاقه جريدة الحوار وبعدها الموقع الإلكتروني، مشيراً إلى أن كل لبنان كان يمثل 5% من أعماله الخاصة وأراد أن يترجم خبرته في عالم الأعمال أي في صناعة الأنابيب في بلده. وقال: أنشأنا مصنعاً في عكار لأننا أردنا أن نستثمر ونطور في المناطق المحرومة والنائية لكن لم نلق تشجيعاً من الحكومة وتجمّع أصحاب المصالح ضدنا وأقفل المصنع، لذلك أخذنا قراراً بعدم الاستثمار في لبنان.

 وعن فوز رئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون بالدورة الثانية للانتخابات التمهيدية للرئاسة الفرنسية وإمكانية وصوله إلى الرئاسة في فرنسا، أبدى مخزومي ثقته بعهد فرنسي جديد يحمل المزيد من الدعم للبنان واللبنانيين. وقال: عندما دعينا فيون إلى لبنان أردنا أن يجتمع بالجميع ليفهم التركيبة اللبنانية ويتمكن من مساعدتنا في حال فوزه إن شاء الله.

واعتبر أن الاقتصاد الجامع هو الوحيد القادر على إخراجنا من المأزق الاقتصادي الحالي، لافتاً إلى أنه يجتمع بالعديد من الاقتصاديين ورجال الأعمال بهدف تشكيل لوبي اقتصادي للتسويق لبنان وتشكيل قوة اقتصادية ضاغطة لمساعدة البلد.


على مدار الساعة
على مدار الساعة
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني