بإمكاننا أن ندير ملفاتنا بحرفية عالية

11:542017/09/08
A
|
A
|

فؤاد مخزومي

هنأ رئيس حزب الحوار الوطني المهندس فؤاد مخزومي الجيش اللبناني على الانتصار في معركته ضد الإرهاب، منوّهاً بالجهود الجبارة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والإنجازات التي حققها، ولافتاً إلى أن حراك اللواء ابراهيم محلياً وإقليمياً ودولياً أضفى نوعاً من المصداقية، وأكد أن بإمكاننا أن ندير ملفاتنا الأمنية بحرفية عالية. وأعلن عن نيّته في الترشح لانتخابات 2018 عن دائرة بيروت الثانية، لافتاً إلى أن جميع الخيارات مفتوحة في ما يخص التحالفات. وشدد على أهمية مواجهة الفساد، معتبراً أن الحل الأساسي يتطلب قراراً شجاعاً من مختلف مكوّنات الحكومة برفع الغطاء عن الفاسدين وكبح التهرب الضريبي. وحول عطلة يوم الجمعة، قال إن التوقيت خاطئ وأنه كان على الحكومة أن تدرس هذه المسألة بحكمة ودراية وأن تستطلع نبض الناس على نحو لا يستفز مشاعرهم وشعائرهم في الوقت الذي قسّم قانون الانتخاب بيروت إلى شرقية وغربية مقسماً البيارتة إلى مسلمين ومسيحيين. ودعا إلى الحفاظ على موارد لبنان وفي مقدمها النفط والغاز الذي من شأنه أن يحوّل اقتصادنا من اقتصاد خدماتي بحت إلى نظام اقتصادي فعليّ قائم بذاته يسمح لنا ببناء مستقبل بلدنا بأنفسنا.
وأثنى في مقابلة ضمن برنامج “لقاء الأحد” مع الإعلامية نجاة شرف الدين عبر إذاعة “صوت لبنان” على إنجاز الجيش في معركة فجر الجرود الذي برهن أن لدينا قيادة عسكرية حكيمة تستطيع إدارة معركة والانتصار فيها بعيداً عن الكلام الذي كنا نسمعه من جهات عدة عن أن الجيش غير قادر على خوض هكذا معركة. وأشار إلى أن جهود القوى الأمنية شكّلت نقلة نوعية في التعاطي مع الملفات الأمنية، لافتاً إلى أن دور جهاز الأمن العام لا يقتصر على المستوى الداخلي فحسب، بل يرقى إلى المستوى الدولي لمكافحة الإرهاب. واعتبر أن المواجهات التي يخوضها جيشنا العزيز هي باسم شعوب الأرض كافة ومن أجل السلام الذي تفتقده منطقتنا وكثير من عواصم البلدان في أرجاء العالم شرقاً وغرباً. وتحدث عن توصية دولية، وأميركية على وجه الخصوص، بعدم تدخل حزب الله في المعركة وترك الجيش يتولى تفاصيلها، الأمر الذي حصل فعلاً وأوصلنا للنجاح المطلوب.
وإذ لفت إلى أن التنسيق بين الجيش اللبناني وحزب الله بات واقعاً يدركه الجميع في الداخل والخارج، أشار إلى أن الدور المتقدم في العمل العسكري وتحرير الأراضي يجب أن يُعطى للجيش في هذه المرحلة الانتقالية، خصوصاً أننا سنكون بصدد إعادة هيبة الدولة وهذا الأمر مهم جداً في المعادلة المقبلة.
وتحدث عن زيارة الرئيس سعد الحريري إلى فرنسا التي تهدف إلى تسليح الجيش وتعزيز قدراته، متمنياً أن ينجح أيضاً في تحريك ملف الهبة السعودية رغم صعوبته، ومشدداً على ضرورة السعي الدائم إلى دعم الجيش لأن معركتنا مع الإرهاب مستمرة ولن تنتهي إلا باجتثاثه من المنطقة والعالم. واعتبر أن القرار الأميركي المتمثل بتخفيض المعونات الخارجية، والذي نفذته في مصر، سينعكس على المنطقة ويكون له تأثير على العديد من الدول.
وفي رد على سؤال عما إذا كانت المساعدة الأميركية للجيش اللبناني في معركة فجر الجرود مشروطة، أكد مخزومي أن أميركا من أبرز الداعمين للبنان إلى جانب دول إقليمية ودولية، لإرساء الاستقرار فيه وتحييده عن الأزمات الإقليمية. وتوقع انكفاءً أميركياً بعد تحرير الحدود وضبطها بين لبنان وسوريا، لافتاً إلى أن التحرك الأميركي في المنطقة يأخذ منحى مختلفاً اليوم بدليل سياسة إعادة التموضع التي انتهجها الرئيس الأميركي باراك أوباما الهادفة إلى الانسحاب من المنطقة مقابل التدخل الروسي. واليوم جاء الاتفاق بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب على هامش قمة مجموعة الـ20، إضافة إلى السعي لإقامة مناطق آمنة جنوب غرب سوريا على الحدود الأردنية – الفلسطينية، والتنسيق بين تركيا وإيران من جهة وبين تركيا وروسيا من جهة أخرى، لتسليط الضوء على الإنكفاء الأميركي السياسي والمالي والعسكري.
ولفت إلى أن إيران تلعب دوراً بارزاً في بعض الدول كالعراق واليمن وسوريا، مرجحاً أن يستمر هذا الدور في المرحلة المقبلة، ومبدياً تفاؤله بعودة السعودية إلى لبنان وإعادة التوازن الذي يحدثه هذا التحرك مقابل النفوذ الإيراني، وآملاً في أن تعود العلاقات اللبنانية – العربية إلى زخمها. ودعا إلى تحضير الساحة اللبنانية للتسويات القادمة وعدم المراهنة على الخارج لأن ذلك من شأنه تغييب القرار الداخلي. وأشار إلى أن موقع لبنان الجغرافي يُمكنه من لعب دور بارز في ملفات المنطقة وربما يكون طاولة حوار دولية – إقليمية يرعاها لبنانيون – طالما كانوا ضيوفاً على عواصم عربية وغربية لحل مشاكلهم. واعتبر أن لبنان قادر على أن يكون شريكاً أساسياً في المنطقة بفضل نظامه الداخلي القائم على التحاور والانفتاح، لافتاً إلى ضرورة اعتماد لغة الاعتدال في الخطاب السياسي وتوحيده ليتركز حول مصلحة البلد لا المصالح الشخصية.
وفي رد على سؤال حول التنسيق مع النظام السوري، أكد مخزومي أن التنسيق طبيعي جداً بسبب العوامل الجغرافية والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، رغم وجود تباين حول التعاطي بالملف السوري في لبنان، مشيراً إلى وجود قناعة بأن الرئيس بشار الأسد سيكون شريكاً أساسياً في المرحلة المقبلة وأن لبنان هو الشريك الأهم بالنسبة له. وتساءل عن كيفية التنسيق لإعادة أكثر من مليون ونصف لاجئ إلى سوريا، وعن الجهة التي من المفترض أن يتم التنسيق معها، مشيراً إلى وجود سباق على إدارة الملف السوري من خلال قضية النازحين. وأكد أن لا أحد يريد عودة الحرب الأهلية وبالتالي يجب تحضير البلد لتخطي المرحلة القادمة والحفاظ على حدودنا وعلى الساحة الداخلية أيضاً، متخوفاً من تجدد الأحداث الأخيرة في المخيمات، ومشدداً على أهمية وحدة الدولة وتوحيد الخطاب السياسي.
وحول التسويات المحتملة في المرحلة القادمة، أكد مخزومي أن التسوية تحتاج إلى وقت لتتبلور ولكنها ستأتي وتحدد الحجم الحقيقي لكل فريق. ورجح أن تتراجع وتيرة التدخل الخارجي في لبنان مع بدء الاستثمار في ملف النفط والغاز، لكننا في الوقت الحالي لا زلنا نحتاج إلى الدعم الخارجي. وأشار إلى أن موقف أميركا من إيران واضح فهي عدوها الأول، متحدثاً عن تقاطع خليجي – أميركي – إسرائيلي حول هذا الأمر، مستبعداً الوصول إلى مواجهة عسكرية رغم ما يحصل في اليمن وسوريا ولبنان، بل رجّح مزيداً من التصعيد ووربما وصولاً إلى حرب بالوكالة. ولفت إلى أن حزب الله يحاول تقوية علاقاته الدولية لا سيما بعد العقوبات التي فرضت عليه بسبب تحوّل دوره المحلي إلى دور إقليمي تخطى لبنان ووصل إلى أكثر من دولة في المنطقة.
ولفت إلى أن أميركا كانت تهدف إلى إبرام اتفاق إقليمي على مستوى المنطقة من خلال الاتفاق النووي بينها وبين مجموعة الـ 5+1 عام 2015، لكن إيران حصرت الأمر بالملف النووي وتجنبت الغوص في الملفين اللبناني والسوري. ولفت إلى أن لبنان أساسي في هذه المعادلة لذلك نلاحظ تزامناً في زيارات الموفدَيْن الإيراني والسعودي إلى بيروت، داعياً المجتمع الدولي والإقليمي الذي يضع لبنان على لائحة برامجه المتوسطة والبعيدة المدى إلى دعمه اقتصادياً والوقوف إلى جانبه في حل أزمة النازحين التي تسببت بارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب اللبناني.
وعن سلسلة الرتب والرواتب، أكد مخزومي أن مشكلة اللبنانيين أن أمنهم الاجتماعي في خطر واقتصاد بلادهم في خطر، فالدين العام تجاوز الـ 75 مليار دولار، والعجز في الموازنة بلغ 7 مليارات دولار، أما النمو فلا يتجاوز 1 في المئة، وفي حين يبحثون عن تمويل لسلسلة الرتب والرواتب تتجاوز كلفة الهدر الأربع مليارات دولار في السنة وكلفة الفساد الخمس مليارات دولار. وشدد على أهمية مواجهة الفساد، معتبراً أن الحل الأساسي يتطلب قراراً شجاعاً من مختلف مكوّنات الحكومة برفع الغطاء عن الفاسدين وكبح التهرب الضريبي الذي يفوق الـ 400 مليون دولار ومعالجة الإشغال غير القانوني للأملاك البحرية والبرية التي تقدر التسويات فيها بين 1 و2 مليار دولار كمعدل وسطي. وأكد على أهمية إقرار الموازنة لأن ما مررنا به في ما يخص الهندسة المالية كان مكلفاً ولا يجب أن يتكرر، ومن المهم جداً الحفاظ على النظام المصرفي.

وحول العطلة الأسبوعية، لفت إلى أن هذه القضية مثارة منذ أكثر من أربعين سنة والسؤال لماذا أعيد إحياؤها في مجلس الوزراء في هذا التوقيت وفي ظروف الصراعات الطائفية والمذهبية الخطيرة التي تعاني منها المنطقة، مشيراً إلى أنه كان على الحكومة أن تدرس هذه المسألة بحكمة ودراية وأن تستطلع نبض الناس على نحو لا يستفز مشاعرهم وشعائرهم.
وعن الانتخابات القادمة، لفت إلى أن القانون الجديد سيفرز طبقة جديدة في مجلس النواب، مؤكداً أن الثوابت السياسية في لبنان لا تتغير، وداعياً إلى القضاء على المذهبية والطائفية والارتقاء إلى مستوى الوطن. وشدد على دعم أي مسعى دولي أو إقليمي لتوحيد اللبنانيين، رافضاً أي محاولة لزيادة التشرذم أو استغلال لبنان في أي معركة مقبلة.
وحول الانتخابات الفرعية، أبدى مخزومي تخوّفه من محاولة تأجيلها، لافتاً إلى أن وزير الداخلية نهاد المشنوق أكد جهوزية الوزارة لإجراء الانتخابات. وتابع: أعتقد أن القوى السياسية خائفة من نتائج المعركة الانتخابية التي إن جاءت عكس توقعاتهم ستنعكس سلباً على الانتخابات النيابية المقبلة، رافضاً الحديث عن أن تيار المستقبل هو من يريد التأجيل فقط. ولفت كذلك إلى أن القوى السياسية تخاف من التغيير لأنهم مدركون أنه لن يكون في مصلحتهم والانتخابات البلدية كانت بمثابة جرس إنذار ومؤشر على رغبة اللبنانيين في التغيير. وأكد أن المشكلة المتمثلة بالبطاقة الممغنطة لن “تطيّر” الانتخابات، لافتاً إلى أن ذريعة الهزات الأمنية، إن حصلت لا سمح الله، لم تعد مقبولة خصوصاً أن الانتخابات جرت في دول كسوريا واليمن وهما في حالة حرب.
وحول ترشحّه لانتخابات 2018، أشار إلى أنه مرشح عن دائرة بيروت الثانية، مبدياً أسفه من هذا التقسيم لبيروت الذي يعزز الطائفية والمناطقية ويذكر بمقولة “شرقية وغربية” السيئة الذّكر، وطبعاً هذا ما يتعارض مع الطائف. وأضاف أنه كسنّي ستتاح له فرصة التصويت لـ 11 مرشحاً فقط من أصل 19، معتبراً أن المواطن ينتخب شخصاً لا لائحة على أساس القانون الجديد وذلك بسبب الصوت التفضيلي. وصرح مخزومي أنه سيخوض المعركة الانتخابية، لافتاً إلى أن جميع الخيارات مفتوحة في ما يخص التحالفات واللائحة وهنالك إمكانية للتحالف مع الرئيس سعد الحريري. وعن تحالفه السابق مع الحريري في الانتخابات البلدية، أكد أن الهدف منه كان توحيد بيروت وخصوصاً الطائفة السنيّة وقد نجحنا في ذلك، مبدياً انفتاحه على جميع الأطراف بمعزل عن حصول توافق أو عدمه خصوصاً أن لدينا القدرة اليوم على تشكيل لائحة. واستبعد إمكانية حصول خرق للوائح، لافتأً إلى أن الرئيس الحريري يريد التوافق مع الرئيس تمام سلام والوزير المشنوق في لائحة واحدة مما يعني حجزه 3 مقاعد من أصل 6 سنّة للتنافس في بيروت.
وحول المشروع الذي يريد طرحه في حال وصوله إلى البرلمان، وأشار إلى أن 30 ألف شخص يدخلون سوق العمل كل عام، بينما يوفر سوق العمل من 8 إلى 10 آلاف وظيفة فحسب، لافتاً إلى أن الاستثمار الفعّال يحتاج إلى يد عاملة مؤهلة تقنياً وأن التعاون هو السبيل الوحيد لخلق فرص عمل للشباب والحد من البطالة وإلا فإن بلدنا سيشيخ وشبابنا سيطرقون باب الهجرة. وأشار إلى توقيعه اتفاقية تعاون مع الجامعة اللبنانية – الأميركيةLAU لإنشاء “مركز فؤاد مخزومي للإبداع”، الذي ينسّق مع الجامعات كافة بما فيها الجامعة اللبنانية، مؤكداً أن المستقبل هو للابتكار والمهنة التقليدية لم تعد تكفي، لذا فإن الحاجة ملحة لتطوير التعليم واعتماد التدريب المهني للشباب. وشدد على أهمية الجامعة اللبنانية وكفاءتها، خصوصاً وأن أغلب الشباب اللبناني ليس لديهم القدرة على دخول الجامعات الخاصة، داعياً إلى دعمها لأنها أساس مجتمعنا.
وتابع: المشروع الثاني هو النفط والغاز، لافتاً إلى أهمية هذا الملف لتحرير الاقتصاد، ومحذراً من محاولات لوضع اليد عليه مثل ما شهدنا في الملفات الأخرى كالكهرباء. ولفت إلى أن الشفافية التي نطمح إليها في هذا الملف تخالفها المادة 35 من المرسوم الخاص بنموذج اتفاقيات الاستكشاف والإنتاج النفطية الذي تم إقراره مؤخراً، إذ تفرض هذه المادة السرية طوال فترتي الاستكشاف والانتاج، داعياً إلى الضغط من أجل مراجعة هذا المرسوم، وهذه مهمة مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني ومختلف الحراكات الشبابية إضافة إلى الإعلام، ولافتاً إلى أن المهم هو ترسية العقود وإنشاء الصندوق السيادي.
وأشار إلى أن “منتدى الحوار الوطني” الذي تبنى بشكل رئيسي هذه القضية ونظم عدة مؤتمرات للإضاءة عليها، أفسح في المجال أمام كثير من الخبراء لشرح وتوضيح الخطوات اللازمة للحفاظ على هذه الثروة وتحسين ظروف استثمارها. وأكد أن النفط والغاز لنا جميعاً، لكل المواطنين اللبنانيين وأنا مواطن لبناني ومن حقي كما من حق أي مواطن أن أهتم بهذا الملف الذي من شأنه أن يغيّر صورة لبنان أمام العالم. وفضّل عدم استخراج النفط إذا لم نستطع أن نستثمر مداخيله، مشيراً إلى أن لبنان سيحصل على عوائد نسبتها 4 في المئة من الغاز و15 في المئة من النفط، بينما تحصل الشركات في دول أخرى على عوائد نسبتها 12 في المئة من الغاز. وفيما تدفع شركات النفط في لبنان ضريبة قيمتها 20 في المئة، تدفع الشركات في دول أخرى ضريبة قيمتها 26 في المئة، وفيما نبدي استعدادنا لأن تصل كلفة الإنتاج إلى 65 في المئة من قيمة المنتج، تُحَدَّد هذه الكلفة في دول أخرى بـ 50 في المئة. وأسف أن تكون حصة الدولة اللبنانية من الدخل النفطي أقل من حصة المستفيدين من هذا المشروع. ودعا مخزومي إلى الحفاظ على موارد لبنان وفي مقدمها النفط والغاز الذي من شأنه أن يحسّن صورتنا أمام العالم ويحوّل اقتصادنا من اقتصاد خدماتي بحت إلى نظام اقتصادي فعليّ قائم بذاته يسمح لنا ببناء مستقبل بلدنا بأنفسنا.


على مدار الساعة
على مدار الساعة
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني