بالصورة: 20 مليون دولار رشاوى سنوية يتقاضاها أطباء في لبنان

أقرّت وزارة الصحة في كتاب حصلت «الجمهورية» على نسخة منه، ان «بعض» اعضاء نقابة تجار ومستوردي المعدات والمواد الطبية والمخبرية، يقوم برشوة «بعض» الاطباء الذين لا يحترمون الاصول الاخلاقية لمهنة الطب. وعالميا، جاء اسم لبنان ضمن لائحة المتورطين في فضيحة فساد تحقق فيها شركة الأدوية GlaxoSmithKline البريطانية. أدّت المذكرة الرقم 507 التي أصدرها صندوق الضمان الاجتماعي في 21/03/2014، الى فتح ملف الجعالات التي يتقاضاها الاطباء في لبنان، من دون ان تهدف في الاساس الى ذلك.هذه المذكرة هدفت فعليا الى خفض اسعار المستلزمات الطبية بنسبة تتراوح بين 25 و 60%. لكن هذا القرار أطلق شرارة معركة بين المستشفيات ونقابة تجار ومستوردي المعدات والمواد الطبية والمخبرية، حيث قرر مستوردو المعدات الالتزام بالخفض الذي حدده الضمان، لكن في المقابل، اوقفوا الحسومات القانونية التي كانت تحصل عليها المستشفيات.هذا التصرّف، سلّط الضوء على حجم الجعالات التي يتقاضاها الاطباء من الشركات المستوردة للمعدات، والتي تصل نسبتها الى 25 في المئة، علما انّ دفع العمولات الى الاطباء محظّر ضمن قانون الآداب الطبية. إلا ان صحة المواطن باتت اليوم تجارة يمتهنها بعض الاطباء لتحقيق الارباح.وأحيانا، يلجأ بعض الاطباء الى اجراء عمليات جراحية لا لزوم لها، ويقنعون المريض بحاجته الى مستلزمات طبية، بهدف ضمان جعالتهم من الشركات المستوردة. وغالبا ايضا ما يطلب طبيب معالج، المستلزمات الاغلى سعرا رغم وجود معدات تفي بالحاجة وبسعر اقلّ، وذلك ايضا لضمان جعالة اكبر.بعد قرار الضمان خفض الاسعار بنسبة 25 في المئة، وبعد رفض المستشفيات شراء المستلزمات من الشركات المستوردة للمعدات الطبية من دون حسم اضافي يصل الى 15 في المئة، أرسلت نقابة تجار ومستوردي المعدات والمواد المخبرية كتابا الى وزير الصحة تشكو مطالبة المستشفيات بحقها في الحسم المعتاد. وجاء ردّ وزارة الصحة على النقابة ليؤكد وجود رشاوى يتقاضاها الاطباء، ويكشف ممارسات غير اخلاقية يمارسها البعض منهم في المهنة.وجاء في كتاب وزارة الصحة التي حصلت «الجمهورية» على نسخة منه، ما يلي: «بدون الدخول في التفاصيل، نلفت انتباهكم ان من أوصل الامور الى ما وصلت اليه هي الممارسات التي يقوم بها بعض اعضاء نقابتكم، من رشوة لبعض الاطباء الذين وبكل اسف لا يحترمون الاصول الاخلاقية لمهنة الطب».(صورة مرفقة عن كتاب وزارة الصحة)وقد فرض ردّ وزارة الصحة، بطريقة غير مباشرة، على الشركات المستوردة، الاستعاضة عن الجعالات التي تدفعها الى الاطباء، بالحسومات المعتادة الى المستشفيات، على أمل ان تكون قد اوقفت كليا هذه الممارسات التي تُكبّدها حوالي 20 مليون دولار سنويا (قيمة الجعالات التي يتقاضاها الاطباء والتي تبلغ نسبة 25 % من مجموع حجم الاستيراد سنويا).اما الحاجة اليوم، استكمالا لخفض اسعار المعدات الطبية، تكمن في ضرورة تطبيق قرار وزارة الصحة رقم 1455 الصادر منذ اكثر من عام، والمتعلّق بتنظيم ادخال واستعمال المواد الطبية المختلفة، لأن خفض اسعار المعدات قد يؤدي الى تدني جودة المستلزمات الطبية اذا لم يخضع لرقابة مشددة، ويدفع بالتالي، للاستهتار بصحة المواطن.لبنان متورط في الفسادفي اطار الرشوة التي يتقاضاها بعض الاطباء، كشفت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية امس، أن مكتب جرائم الاحتيال في بريطانيا بدأ تحقيقاً جنائياً مع إحدى شركات الأدوية العملاقة «GlaxoSmithKline»، بسبب تورطها في موضوع فساد.وأشارت الصحيفة إلى أن المكتب يحقق في الممارسات التجارية للشركة المذكورة، نظراً إلى وجود مزاعم عن تورط موظفيها في رشاوى في الصين والعديد من دول العالم.ولفتت الصحيفة إلى أن الشركة تنضم جنباً إلى جنب إلى شركة أدوية عملاقة ثانية، «AstraZeneca»، كانت تورطت في فضيحة مماثلة عندما إتهم مسؤولون صينيون موظفو الشركة بتشغيل شبكة من الموظفين في الرشاوى.ونقلت الصحيفة عن المكتب المذكور أن مندوبي الشركة قاموا برشوة الأطباء، بالمال أو عبر خدمات جنسية، لاقناعهم بشراء منتجات الشركة.أضافت «ديلي ميل»: كانت «غلاكسو» ذكرت في وقت سابق أنها تحقق في شكاوى تفيد بأن موظفيها شركاء في عمليات رشوة في كلّ من لبنان والعراق والأردن وبولندا.تجدر الاشارة الى ان عملاق الادوية «غلاكسو» تصنع مجموعة واسعة من المنتجات الموجودة في الصيدليات في جميع أنحاء العالم، أشهرها المسكنات.في سياق متصل، أبدى رئيس الهيئة الوطنية الصحية الدكتور اسماعيل سكرية في بيان، أسفه الشديد «للاستخفاف والعبث المستمر في القطاع الصحي وفي قيادته الوزارية بالتحديد، حيث تعاقدت وزارة حكومة تصريف الاعمال قبل خمسة أشهر، مع 27 طبيبا مراقبا خلافا للقوانين والانظمة، منهم من تجاوز السن القانونية، ومن دون المرور بمجلس الخدمة المدنية.وقد استمر هؤلاء الاطباء المعينون سياسيا وتنفيعيا، بتوقيع معاملات استشفائية بمئات الملايين، وهم ليسوا قانونيين بعد، والبارحة تقدموا من مجلس الخدمة المدنية بطلبات «مباشرة عمل». وطالب سكرية بالكشف عن جميع الفواتير الموقعة من هؤلاء الاطباء، ودرسها واعلان حقائق مضمونها.