الإيجابي.. (حياة ابو فاضل)

11:182014/05/29
A
|
A
|







حياة ابو فاضل - وجه إيجابي يطل علينا من مآسي ما نحن عليه في عالمنا العربي اليوم ليقول ان ما يحصل عندنا ليس عبثياً، بل مرآة صادقة تعكس صورتنا على حقيقتها علّنا نفيق. صورة عرب متقاتلين داخل أوطانهم، يهدمونها باسم الدين من دون وعد يحمل نافذة على فصل حياة جديد. هذا ما نحن عليه بلا رتوش، وكان قد لاح في أفقنا من عقود يوم وقعنا فريسة سهلة لمن غزا فلسطين متسلحاً بحق ديني في الأرض، يهودي، متعصب لقديم عاص على التطور، شرس، لا مكان في تركيبته لا لقلب ولا لمعرفة. أخذ الأرض شبراً شبراً وقتل الأطفال وهجّر السكان وحرق الزيتون والتراب وأقام مستوطناته فوق الركام.واليوم يختبر الوطن العربي على امتداده ما مرّ به الشعب الفلسطيني: قتال مذهبي على الأرض وعلى الحكم فتُهدم الأوطان شبراً شبراً وتُنتهك المقدسات ويُقتل الأطفال ويُهجّر السكان. الفارق ان العرب "الأعداء" هم أصحاب الأرض، إلا أن فعل القتل والهدم واحد. وهكذا نقف مع العدو على درجة وعي واحدة، منحدرة. والعدو عدو، أما تفكك الإخوة داخل ثورات قيل إنها لتغيير الى أنظمة ديموقراطية أثبت الواقع انها ليس أكثر من قتال مذهبي في سباق على الاستئثار بالثروات وبظلم العباد، فتلك مصيبة العرب الدائمة.ونحن في لبنان صورة مصغرة عن الوطن العربي الكبير بعدما أنجزنا حربنا الأهلية المذهبية قبل الجميع، ثم تفككنا الى آذاريين، متنافسين، كيديين، طموحين كلنا الى اعتلاء كراسي القرار والحكم. وما عمل أحد على بناء إنسان جديد داخل مجتمع متماسك، علماني، غير متفكك الى مذاهب عاجزة عن تخطيط مؤسساتي يؤمن للمواطن حقوقاً كاملة تضمن له حياة كريمة غير مرتهنة لزعامات داخلية وخارجية مستبدة. هذي صورة لبنان الحقيقية، شعب لا يزال يطالب بأبسط حقوقه المعيشية، وزعامات مدنية ودينية همّها الوحيد "أناها" الكبيرة في مجتمع رعاة وقطعان، ليس بينها من هو الأفضل. هذا ما تعكسه شاشة لبنان مبعثر في حقل مزايدات ثقيلة تثير النفور والتباعد.حقاً، إيجابي أن نرى مجتمعاتنا على حقيقتها، مجتمعات غير قابلة لتطور نابع من داخل متحرر واع حقيقة حرية المسيرة البشرية الى آفاق جديدة، فنعي مسؤوليتنا في تصحيح مسار الى "أمام" يحجبه اليوم ظلام خلطة طائفية، قبلية، محدودة الرؤية، ما عادت قشرة تفاهم كاذب تمنع انفجارها. وان كنا ضحايا مؤامرات خارجية لتفتيت أوطاننا، فنحن كالعادة من ينفذها بحذافيرها، الى أن نبلغ مرحلة لا نحمّل الدين فيها إلا مساحة القلب، يتفتح داخلها ويزهر ويثمر وعياً يثمّن سلاماً "علمانياً" على كوكب يئن اليوم تحت عبء جهل أبنائه أجمعين.


على مدار الساعة
على مدار الساعة
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني