محمد نزال -مشهد الطفل، ابن الخمس سنوات، مضرجاً بدمه، ملقى أرضاً على «كرتونة»... جارح جداً. كثيرون ممن شاهدوا الصورة، المسرّبة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، سارعوا إلى احتضان أطفالهم. هذا ما فعلته ماجدة، الأم، التي لم تجد ما تقوله أكثر للتعبير عن تفاعلها مع الصورة. ترى، لو مرّ الخبر، من غير صورة، هل كان سيصدم الناس كما حصل؟ إنها قوّة الصورة، برغم بشاعتها، أو ربما «عدم أخلاقيتها». لا مكان لـ «المعايير المهنية» على المواقع الإلكترونية.من يكون ذاك الطفل، المقتول، الذي بدا نائماً في براءته؟ فليرتح «العنصريون» قليلاً، إنه ليس «لبنانياً صافياً» ولا الفاعل «سورياً».عجيب كيف أن البعض سارع، منذ اللحظات الأولى لشيوع الخبر - الصورة، إلى هذا الإسقاط التافه. ساعات قليلة ويظهر العكس، الطفل سوري، أحد أبناء النازحين، والقاتل لبناني، لكن بالمناسبة كلاهما «طفل». صحيح أن الفاعل من مواليد عام 1997، لكنه أيضاً من «الأحداث». حصل ذلك قرب مهنية حلبا الرسمية، في الشمال، عند حاوية النفايات. لحظات وتبدأ «التحليلات العنصرية» ذاتها، التي تريد الحفاظ على «العرق المقدّس»، الذي لا يُخطئ، فنسمع روايات مثل أن الفتى القاتل «يتعاطى المخدرات» أو «مخبول» أو «مختل» أو «مريض». هكذا، يريد البعض إنكار البديهيات، لكن هؤلاء، ولسوء حظهم، سيظل هناك من يُذكرهم بأنّ منهم من يقتل ويغتصب ويسرق، بل ويذبح أحياناً (الذبح على الهوية أيام الحرب الأهلية مثلاً).والد الفتى المشتبه فيه هو من أبلغ بمخفر حلبا وأخبر عن فعلة ولدهلاحقاً صدر عن قوى الأمن الداخلي بيان، ورد فيه أن والد الفتى، المشتبه فيه، هو من أبلغ بمخفر حلبا وأخبر عن فعلة ولده، وذلك بعدما صارحه ولده بما فعل. حضرت دورية وأوقفت الفتى، داخل منزل ذويه، كما عثرت داخل حاوية للنفايات على جثة الطفل، واسمه محمد، مصابة بخمس طعنات سكين في خاصرته.بعد كشف الطبيب الشرعي على جثة الطفل، تبيّن أنه كان قد تعرّض لاعتداء جنسي، قبل قتله. اللافت أن والد الفاعل لديه مقهى هناك، والابن اغتصبه وقتله داخل هذا المقهى، قبل رمي جثته خارجاً.يبدو أنه خاف من افتضاح أمره، بعد الاغتصاب، فقرر قتل الطفل والتخلص منه نهائياً. جريمة «كاملة الأوصاف» ينفذها فتى «حدث»! هذا، غير التفصيل إطلاقاً، الذي سيكون على المعنيين التوقف عنده كثيراً، وعدم التلهي بحكايات عن كونه «مجنوناً» وما شاكل.لا ليس بالضرورة أن يكون مجنوناً، ثمّة أزمات نفسية، وعاهات، يولدها هذا المجتمع، وسيكون من الجنون الاستمرار في رمي هذه الآفات على عاتق «الجنون». |