لم تتخذ الحكومة اللبنانية بعد قرارا موحدا بشأن إمكانية إقامة مخيمات إيواء جماعية على الحدود اللبنانية السورية، من أجل تخفيف عبء اللجوء السوري عن الداخل اللبناني. وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «مكان إقامة هذه التجمعات لم يحسم بعد، بمعنى أنه لا اتفاق داخل مجلس الوزراء بعد على مكان إقامة هذه التجمعات، سواء في مناطق عازلة على الحدود، أم في الجانبين؛ اللبناني أو السوري».وشدد درباس على أن قرار الحكومة اللبنانية «حاسم» فيما يتعلق بتنظيم دخول اللاجئين، وقد أبلغه أمس إلى مدير اللجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وممثلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نينات كيلي، التي زارته على رأس وفد من الدول المانحة. وأوضح أن «السماح بدخول لاجئين سوريين جدد إلى لبنان بات مرهونا بوجود قتال في المناطق التي يقيمون فيها أو المحاذية لها»، مشددا على أن «لبنان يتعاطى في هذا الملف، طبقا لبنود معاهدة جنيف عام 1951، وإن كان غير موقع عليها، وتحديدا المادة الأولى التي تعد كل من لا يستطيع ولا يرغب بالعودة إلى دولته بسبب التخوف من الاضطهاد، لاجئا، لأسباب ترجع لدينه أو عرقه أو انتمائه أو آرائه السياسية». وبالتالي، أشار درباس إلى أن «كل من بإمكانه العودة إلى بلده لا يمكن وصفه لاجئا»، لافتا إلى «أعداد النازحين تتكاثر، وقضيتهم أصبحت سياسية أكثر منها اقتصادية».وبحسب الإحصاءات الأخيرة لمفوضية شؤون للاجئين، يستضيف لبنان حاليا مليون و93 ألف سوري، فيما تقدر السلطات اللبنانية وجود عدد أكبر من السوريين على أساس أن قسما كبيرا من العمال السوريين والمقيمين على نفقتهم الخاصة في لبنان غير مسجلين لدى مفوضية اللاجئين. ويبدي وزير الشؤون الاجتماعية في هذا السياق أسفه لكون «الدول المانحة لم تلب نداءات التمويل التي أطلقتها وكالات الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية لإغاثة النازحين، بقيمة 1,72 مليار دولار». ووفق مفوضية اللاجئين «لم تحصل وكالات الأمم المتحدة إلا على 390 مليون دولار منها، أي ما يعادل 23 في المائة من إجمالي النداء حتى الثالث من الشهر الحالي».ويعيش 57 في المائة من اللاجئين السوريين في لبنان في شقق مستأجرة، وهم يتقاسمون مع اللبنانيين خدمات البنى التحتية من مياه وكهرباء وشبكات صرف صحي، في حين يعيش 40 في المائة في أماكن أقل من المستوى المطلوب. وبحسب إحصاءات المفوضية «يعيش 25 في المائة من اللاجئين في كاراجات ومستودعات ومواقع العمل، في حين يتوزع 15 في المائة على مخيمات عشوائية لا تستوفي الشروط الأدنى».ويقول درباس في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إنه أعرب لوفد مفوضية اللاجئين والدول المانحة أمس عن «قناعة السلطات اللبنانية بأن العلاج الإنساني لقضية اللجوء السوري بات غير مجد، لأنه يعالج الأثر ولا يعالج الفعل، مطالبا بأن يلحظ الدعم المجتمعات اللبنانية المضيفة بشكل أكبر». وينقل عن الوفد الدولي تأكيده «العمل من أجل تحريض الدول والجهات المانحة على الإيفاء بالتزاماتها المالية لإغاثة اللاجئين السوريين في لبنان والمنطقة».وفي حين نقل مصدر مقرب من مرجعية سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أنباء عن رسالة أبلغها وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى السلطات اللبنانية خلال زيارته الأسبوع الماضي، تحذر من تداعيات الموافقة على إقامة مراكز أو مخيمات لجوء سوريا على الأراضي اللبنانية، نفت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ«الشرق الأوسط» أن يكون كيري حمل هذه الرسالة. وأوضحت بأن «التوجه الرسمي اللبناني هو إقامة مخيمات خارج الحدود اللبنانية أو في مناطق عازلة ترفع علم الأمم المتحدة، وليس على الأراضي اللبنانية إطلاقا».وفي الإطار ذاته، قالت الناطقة الإعلامية باسم مفوضية شؤون اللاجئين دانا سليمان لـ«الشرق الأوسط» إن «موضوع إقامة مخيمات ليس مطروحا في الوقت الراهن، لأنه يحتاج لقرار لبناني رسمي غير متوافر، ونحن نعمل تحت غطاء الحكومة اللبنانية». وذكّرت بأنه سبق للمفوضية أن اقترحت إقامة مراكز استقبال وليس مخيمات، على ألا تتعدى قدرتها الاستيعابية أكثر من 20 ألف لاجئ، وجرى تحديد الأراضي المناسبة، لكن لم يحرز أي تقدم بسبب غياب القرار الرسمي اللبناني». |