الحرب على غزة ونتائجها على مستقبل المشرق - نسيم بو سمرا

21:482014/07/25







- نسيم بو سمرا -مشكورة مبادرة صاحب جريدة السفير طلال سلمان بتوحيد نشرات الأخبار تضامنا مع غزة وهي كانت مطلوبة من الناحية الانسانية على الأخص وبغض النظر عن الموقف السياسي لبعض الأفرقاء اللبنانيين من القضية الفلسطينية، لأنّ لا شيئ يبرر استهداف المدنيين الذين وصل عدد ضحاياهم جراء القصف الممنهج على منازلهم الى أكثر من 800 قتيل وحوالى 6000 جريح في سبعة عشر يوماً فقط، معظمهم من الاطفال والنساء، ونحن في لبنان عانينا من إرهاب العدو الاسرائيلي على شعبنا منذ احتلال فلسطين في العام 1948 لناحية اعتداءاته المتكررة على أرضنا ولغاية عدوانه الأخير على لبنان في تموز ال 2006 ومن دون ان ننسى استمرار هذا العدوان على شعبنا حتى اليوم في البر والجو والبحر، فضلا عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين التي نتجت عن اقتلاع شعب من أرضه، ولجوئهم إلى لبنان، الذي لا يمكنه تحمل أعباء هذا اللجوء المستمر حتى يومنا هذا؛ غير أن وعلى أهمية توحد اللبنانيين حيال الحرب على غزة، إلاّ أنّ انقساماتهم تبقى حادة في مواضيع شتى داخلية وخارجية أيضاً، في وقت اتخذ لبنان الرسمي في جلسة مجلس الوزراء أمس قرارا بتكليف وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل توجيه رسالتين الى المحكمة الجنائية في لاهاي في ما خصّ غزة والموصل، في الأولى يطلب فيها لبنان محاكمة إسرائيل لارتكابها جرائم حرب في حق الفلسطينيين، ويطلب في الثانية تجريم تنظيم داعش على ممارسته عمليات تطهير ديني وتهجير جماعي في حق مسيحيي الموصل، وتأتي مناشدة بعض المرجعيات الروحية والقيادات السياسية بتوحيد الموقف ممّا يحصل لمسيحيي العراق، في مكانها الصحيح ، إسوة بالموقف الموحد تجاه غزة، ونظرا لأن مسيحيي الموصل هم أحفاد البابليين والاشوريين، ولأول مرة في تاريخ العراق تخلو الموصل من المسيحيين، ونسأل في هذا الاطار ، لماذا لم تقم مبادرات مماثلة حينما استهدف الجيش اللبناني وفي مناسبات عدة من الارهاب، لا بل وجد من بعض السياسيين ومشايخ الدين السنة من وقف الى جانب الارهابيين ضد الجيش وما التظاهرات التي تنظم راهنا في طرابلس لإطلاق مطلوبين وقعوا في قبضة الجيش إلا تأكيدا على وضع شاذ يجب أن ينبذه المجتمع اللبناني.إنّ موقف رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الذي أعلنه بعد اجتماع التكتل في الرابية، لناحية الأخطار التي تتهدّد مستقبل المشرق، وضع الاصبع على الجرح النازف والذي بات يهدد وجود المشرق الحضاري كما نعرفه، مؤكدا ان ما يحصل راهنا وبالتوازي، هو السعي إلى إلغاء مكونين أساسيين لمشرقنا العربي، هما الهوية الفلسطينية والوجود المسيحي، ويوضح العماد عون أن في حال انكسار المقاومة الفلسطينية أمام إسرائيل، فذلك سيؤدي الى إخضاع الفلسطينيين وإنهاء قضيتهم وبالتالي توطين فلسطينيي الشتات في أماكن تواجدهم في مختلف البلدان العربية، أمّا لجهة إنهاء الوجود المسيحي فبات واضحا أنّ ذلك يصب أيضا لصالح الصهيوينة العالمية، فمن جهة أولى يزكي هذا الوضع الصراع السني- الشيعي ما يؤدي الى تقسيم الدول العربية الى كيانات مذهبية متناحرة، ويريح إسرائيل في النهاية بسبب تشتت القوى المحيطة بها وضعفها، ومن جهة أخرى يزول التهديد الداخلي عن إسرائيل بسبب انتهاء المقاومة وقضيتها في فلسطين، والشريك الرئيسي الدائم في هذا المشروع الصهيوني، هي الولايات المتحدة الأميركية التي ما زالت على رغم النكسات التي منيت بها سياساتها في سوريا، تدعم هكذا مشروع يؤجج الصراعات ويمدّ الفكر التكفيري الإلغائي بأسباب بقائه.بات من الملحّ إجراء مراجعة عميقة للانقسام العامودي بين اللبنانيين على مواضيع مفصلية، تدخل في صلب علاقاتهم الاجتماعية وتؤثر عليها سلبا، وبخاصة أنّ الأداء السياسي لبعض أفرقاء الداخل تجاه المكون المسيحي، من خلال الاستمرار في إقصائه وتهميش دوره في النظام؛ وما التعاطي في ما خصّ الاستحقاق الرئاسي إلاّ دليل على نيات هذا الفريق تجاه المسيحيين؛ هذا الاداء يعبر عن عدم إدراكهم لمخاطر هذه السياسة على التوازن الداخلي، والذي يزداد هشاشة مع موجة التكفير التي تضرب المشرق العربي برمته.ويبقى الحراك الدولي تجاه محاولات إلغاء الوجود المسيحيي في العراق دون المستوى المطلوب والذي لم يرق الى مستوى الاستنكار حتى، ما خلا بعض مواقف رؤساء الطوائف الكلدانية والأشورية التي دعت الى حماية مسيحيي العراق، فيما المجتمع الدولي تخلى عن أي معايير إنسانية في تعاطيه مع الشعوب، في حين نعلم ان ما يسمى المجتمع الدولي خاضع لسياسات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وهو شريك في هذه السياسة المدمرة لحضارات الشعوب ولثقافتها، وبناء عليه تمارس الأمم المتحدة سياسة الابتزاز الاقتصادي والاجتماعي في استغلالها لمآسي الشعوب في مختلف اصقاع العالم، وتفسح المجال للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لرهن إرادة هذه الشعوب من خلال فرض سياسات مالية تضر بنموها الاقتصادي، ولكن تراكم في المقابل الثروات في جيوب القلة الفاسدة من الطبقة الحاكمة لهذه البلدان وشركائها في المجتمع الدولي، أمّا اللافت فما صدر عن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان نافي بيلاي منذ يومين في ما خصّ ما يحدث في غزة من إرهاب على الشعب الفلسطيني، باكتفاء بيلاي بالتعبير عن الأسى لسقوط الضحايا بالمئات، مطالبة بتحقيق دولي تجاه جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الاسرائيلي في غزة، وكأن الصور المروعة المتداولة على شاشات التلفزة المحلية والعالمية لا تكفي لتوجيه الاتهام الى اسرائيل في هذا السياق، ما يؤشر الى نية واضحة لإنقاذ الكيان الاسرائيلي من الادانة، إلاّ أن في مقابل هذا التمييع الدولي، تتخذ دول الممانعة موقفا مشرفاً وحازما كما العادة، من إيران الى العراق وسوريا وصولا الى حزب الله في لبنان، وعلى رغم الطعنات المتتالية من بعض فصائ ...

على مدار الساعة
على مدار الساعة
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني