مارون ناصيف
على رغم التسوية-العار التي أدت الى وقف اطلاق النار في عرسال وانسحاب إرهابيي "داعش" و"النصرة" الى الجرود الوعرة، مصطحبين معهم رهائن الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، لم يعد جميع الأهالي الذين تركوا البلدة عند إشتداد المعارك اليها. ليس سبب عدم العودة الكاملة أبداً تضرر منازلهم ودمارها بشكل كامل أو شبه كامل لأن عدد البيوت التي اصيبت خلال الإشتباكات محدود جداً والأضرار فيها لا يحتاج ترميمها الى الكثير من الوقت على اعتبار أنّ شوارع بلدة عرسال لم تشهد مواجهات بين الجيش والإرهابيين.
"سبب عدم العودة الكاملة أمني بإمتياز"، يقولها البعض من العرساليين ولو بصوت خافت. "أمني لأن من وقف الى جانب المسلحين عندما اجتاحوا البلدة واستباحوا حرماتها وسرقوا منازلها، لا يزال حتى هذه اللحظة حراً طليقاً، لم يتعرض للتوقيف من قبل أي جهاز أمني لبناني ولم يتعلم درساً لن ينساه في حياته، وبالتالي كل هذا الإسترخاء مع هؤلاء لن يردعهم عن تكرار ما قاموا به مرةً ثانية".
وفي المعلومات التي ترد من داخل عرسال أنّ من كان يدعم الإرهابيين قبل العملية العسكرية الأخيرة، أكان من سكان المخيمات أم من أبناء البلدة، يذهب الى الجرد اليوم وتحديداً الى حيث انسحبوا وبحوزته الآلاف من ربطات الخبز والمواد الغذائية من معلبات وحبوب وغيرها من دون حسيب أو رقيب. والمستغرب في هذا الأمر كيف أن الأجهزة الأمنية لا تلقي القبض على هؤلاء المعروفين بالأسماء ومن بينهم أحد فعاليات عرسال.
وفي السياق عينه يقول عرساليون "إن مقولة انتشار الجيش في البلدة وإن الأخيرة عادت الى كنف الدولة كذبة لا يمكن لعرسالي واحد أن يصدقها والدليل على ذلك ان الطريق من البلدة الى الجرد حيث يتمركز المسلحون مفتوح أمام من يريد وفي أي لحظة، ومن يسلكه لا يتوقف على أي حاجز للجيش اللبناني فالمراكز العسكرية نشرت على التلال المحيطة لتبقى الطرقات الجبلية خالية منها، ولو كانت هناك نية سياسية بإعادة البلدة الى كنف الدولة فعلاً يجب على قيادة الجيش ان تنشر حواجزها على هذه الطرقات الوعرة وعندها تقطع خطوط الإمدادات الإنسانية للمسلحين الذين لا يستطيعون أصلاً الحصول على مقومات الصمود من الداخل السوري المقفل تماماً أمامهم".
إذاً مفتاح إعادة عرسال لبنانية بإمتياز هو بحصار جردها وقطع خطوط التواصل بين قلةٍ من أهلها والمجموعات الإرهابية، قلة تخيف العرساليين عند وقوع أي إشكال حتى ولو كان سببه عائلياً من خلال التهديد والوعيد بعودة "النصرة" و"داعش" أو من خلال الخطف، وما الذي يمنع تنفيذ هذه التهديدات على المدنيين بعدما خطفت المجموعات الارهابية ًعسكريين وشرعت الدولة لها حكومة وقيادةً عسكرية انسحابها؟!
المصدر: موقع النشرة (خاص)