المنطقة وآفاق الأزمات

15:212014/08/08
A
|
A
|
ما إن انعطفت الحرب على سوريا لمصلحة الجيش السوري، حتى توالت بعدها الأحداث بسرعة قياسية..
فإلى دول الجوار.. دُر.. لنستشرف المشهد..
لبنان: غارقٌ في أزماته.. انفلاتٌ أمنيٌ في بعض المناطق ما زال مقنناً إلى الآن.. لا رئيس للجمهورية... التكفيريون بدأوا محاولات لتخفيف الضغط عنهم على الحدود السورية عبر استهداف الجيش اللبناني، ما فتح لبنان على حرب من غير المعلوم حدودها وأفقها.
والجيش اللبناني الذي أعطي غطاءً دوليًا للتخلص من ظاهرة أحمد الأسير، ورفع الغطاء عن المسلّحين الذين يعبثون بأمن البلاد ومصالح العباد دون وجود أفقٍ لهم ولمحركيهم، هو بطريق إعطائه غطاء أوسع في أحداث عرسال.
الأردُنْ: ينتظر المجهول.. التكفيريون متواجدون بفاعلية.. على الحدود العراقية والسورية لا سيما بعد انتشار داعش في مناطق عراقية.
ويُخشى أن تصبحَ الأردن قبلتهم إن قويت شوكتهم في سوريا والعراق، أو حصل انهزام كبير قد يدفعهم للتعويض في مكانٍ آخر.
على أنّ الأردن كما يقول مراقبون، يملك الأرضية الخصبة لاستقبال هؤلاء. فتصدق توقعات الرئيس الأسد في مقابلته التلفزيونه مع الإخبارية السورية، عندما حذر الأردن من أنه سوف يكون أكثر الأطراف الداعمة للمعارضة المسلّحة دفعًا للثمن.
العراق: يشهد أزمةً كبيرة ويخوض حربًا شرسة مع داعش وحلفائها، بعد سيطرة الأخيرة على الموصل ومناطق أخرى في الأنبار وصلاح الدين.
فقد صدقت التوقعات من أنّ العراق من أكثر الأطراف استهدافًا بعد سوريا، توقعات رآها كل المتابعين إلا الساسة العراقيون الذي كانوا مشغولين بالمحاصصة، في دولةٍ وجودها على الخارطة مهدد.
وبالمقابل، كان التكفيريون يعتبرون أنّ جبهة العراق هامةٌ في صراعها على سوريا. ويمكن أن تشكّل سندًا قويًا لها إن هي استطاعت سلب بعض المناطق من حضن السلطة العراقية المركزية. لذا كان إشغال العراق في المرحلة المقبلة بصراعٍ داخليٍ أعنف، سوقًا يؤدي حتمًا الى ابتعاده عن المشاركة الفعالة في الداخل السوري.
تركيا: قد لا يسقط إردوغان، لكنه بلا شكَّ سيغرق في تفصيل الأحداث الداخلية، والأزمات المتلاحقة في دول الجوار التركي ستشكّل عبئًا إضافيًا على إردوغان.
أما في مصر، فقد وصل السيسي الى سدة الرئاسة بعد مخاضٍ عسيرٍ منذ عزل محمد مرسي. ومنذ سقوط مرسي والسلطات الأمنية المصرية تسعى لأرهبة حركة حماس، بمعزل عن مواقف الأخيرة ووضعها لجميع بيضها في السلة الإخوانية، ما كشف عن سرّ هذه "الأرهبة" منذ بدء العدوان على غزة والمواقف المصرية منها.
كيان العدو: بدا مكبّلًا بعد الردِّ السوري الاستراتيجي، وما يتعلّق بالأزمة السورية.
لقد أدركت "إسرائيل" حجم الانتصار في سوريا وأبعاده. لذلك وصفته بأنه سوف يكون نصرًا استراتيجيًا للمحور السوري الإيراني. فحاولت تعويض ترميم هيبتها بحرب إبادة على غزة، واذا بحرب التعويض تتحوّل الى تهشيمٍ استراتيجي لقدرة الردع لديها.
أما في المشهد الدوليّ..
فأوروبا منقسمة رغم الرفع الشكليِّ للحظر عن السلاح. ومتخوّفة من عودة ما أسمتهم الجهاديين الى دولها، وقد بدأنا نشهد حملات أوروبية على شبكات سلفية في أوروبا، ودعاوى على من يجندون شبانًا للذهاب الى هناك. وما بدا أنه أزمة أوكرانية ستشغل الروسي عن سوريا، ظهرت أوروبا أكثر انشغالًا بها.
الولايات المتحدة الأميريكية وحدها فهمت القضية.. عندما أعلنت أنها تأخرت عن الانخراط في الحل السياسي. ربما فهِم البعض من كلامها هذا أنه كان ينبغي عليها أن تسعى للحلِّ السياسي دون المراهنةِ على الحلِّ العسكري. إلا أنّ هذا الفهمَ قد لا يبدو دقيقاً.
إنّ المقصود من التأخّر في الانخراطِ بالحلِّ السياسيِّ يعني، أنَّ ما كان يمكن تحصيلُه بالحلِّ السياسيِّ قبلَ إنجازاتِ الجيش السوري أصبح بعيد المنال بعد هذه الإنجازات، لذلك رأينا عدم اهتمام أميركي أو غربي بإعادة إحياء مؤتمر جنيف اثنين.
أما روسيا، فلا شي يبدو أنه سيوقف اندفاعها للدفاع عن مصالحها في البحر المتوسط، وإن أعطت الأولوية الآن للأزمة الأوكرانية، دون إغماض العين عما يجري على ساحل البحر المتوسط.
حددت روسيا رؤيتها، وعبّر رئيسها فلاديمير بوتين عنها بوضوح: منطقة البحر المتوسط ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا.. هكذا قالها بوتين.
وفي هذا المشهد المشتعل لا شك أنّ الرئيس الأسد سيظهر كلاعبٍ أكبر في محاربة الإرهاب، وربما قد يحتاج اليه الجميع لسدّ الفراغ في المنطقة.
اذا صدقت هذه الرؤية، فإنّ الحرب التي أُريد لها ومنها أن تُنهي الدور السوري، لن تنتهي الا والدور السوري أقوى مما كان عليه.

المصدر: سلاب نيوز

على مدار الساعة
على مدار الساعة
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني