ماهر الخطيب - لا يزال القلق الأمني يشغل بال اللبنانيين، على الرغم من التطورات المهمة التي حصلت في الأيام الأخيرة، لا سيما على صعيد منطقة الشمال، حيث تمكنت وحدات الجيش اللبناني من القضاء على الحالة الشاذة التي كانت قائمة في مدينة طرابلس.
وفي حين بات واضحاً أن المؤسسة العسكرية، قادرة على مواجهة الخطر الإرهابي من خلال الإلتفاف الشعبي حولها، أظهرت النتائج الأولية لما حصل بأن المجموعات الإرهابية كان تحضر لمخطط كبير تم إجهاضه قبل موعد البدء بتنفيذه، إلا أن هذا لا يعني زوال الخطر بشكل مطلق كون أسبابه لا تزال حاضرة بقوة على الساحة المحلية.
حول هذا الموضوع، تنقسم الرؤية بين أكثر من مصدر متابع، البعض يرى أن ما حصل يؤكد بأن القرار الدولي الذي يمنع إنزلاق لبنان إلى المجهول لا يزال حاضراً، وبالتالي العملية العسكرية الكبيرة التي حصلت كانت مدعومة بشكل أساسي من قوى إقليمية ودولية فاعلة، ويشير إلى أن البيانات الداعمة كانت أكبر دليل على ذلك، في حين يرى البعض الآخر أن تحريك الساحة بهذا الشكل الخطير كان بمثابة رسالة من الممكن اشعال فتيلها في أي لحظة متى إستدعت الحاجة، ويرى أن هذا الأمر قد يكون بمثابة إختبار لما يمكن أن يجري في حال تفاقمت الأحداث من جديد على الجانب السوري من الحدود.
من هذا المنطلق، يفضل خبير عسكري عدم الدخول في التكهنات السياسية والإستخباراتية الكبيرة، ويشير إلى أن ما حصل ما بين البقاع والشمال، في الأشهر الأخيرة، أثبت أن لا بيئة حاضنة لأي غزو إرهابي، "لأن وجود مثل هذه البيئة كان سيؤدي إلى نتائج خطيرة، لا سيما أن المجموعات التي تحركت كان من الواضح أنها تحضرت بشكل جيد لمثل هذا السيناريو".
من هنا، يعتبر الخبير العسكري نفسه، في حديث لـ"النشرة"، أن خطر سقوط أي منطقة لبنانية بيد الجماعات الإرهابية المتطرفة كما حصل في الموصل غير وارد، في ظل المعطيات القائمة على الصعيدين السوري واللبناني، إذ أن تطور الأوضاع على نحو دراماتكي لا يبدو أمراً سهلاً، لا سيما بعد الإنجاز الذي حققه الجيش في الشمال، والإجراءات التي يقيمها الجيش السوري في البلدات والقرى المتاخمة لحدوده مع لبنان، إلا أن هذا لا يعني أن الخطر لم يعد موجوداً.
في هذا السياق، يكشف أن المعلومات تشير إلى أن تلك الجماعات قد تعمد إلى القيام بعمليات أمنية في مناطق عدّة، على غرار التفجيرات التي حصلت في الفترة السابقة، لكنه يوضح أن الإمكانات لإعداد تفجيرات كبيرة ضعيفة، بسبب الإجراءات الأمنية المتخذة وغياب المناطق التي من الممكن أن تتم فيها عملية التجهيز بكل سهولة، لا سيما أن الأجهزة الأمنية كانت قد تمكنت من تحديد الأماكن التي قد تستغل في مثل هذه الأعمال.
بناء على ذلك، يعتبر أن التفجيرات الأمنية التي يُتَوَقع حصولها لن تكون بحجم كبير، إنّما قد يجعل من التخطيط لها ومن ثم التنفيذ بمثابة رسائل أكثر أهميّة، وهذا الأمر يبقى وارداً في كل لحظة، وما حصل في حارة صيدا في عطلة نهاية الإسبوع المنصرم أكبر دليل على ذلك، فتفجير عبوة صغيرة في مسيرة عاشورائية كان ليكون لها تداعيات خطيرة جداً.
في المحصلة، يرى الخبير العسكري أن إستمرار السجال السياسي بين الأفرقاء المحليين على ما هو عليه، لا يساعد في تجنب الخضّات الأمنيّة بين الحين والآخر، ويعتبر أن العمل الإستخباراتي الذي يقوم على جمع المعلومات والتنبّه لأيّ حركة مشبوهة، بالإضافة إلى تهدئة الأجواء السياسية يجب أن يكون الهدف الأول في طريق تحصين الساحة الداخلية.
المصدر: النشرة (خاص)
