MON, 17-3-2025

لننقذ مدينتي «فوعة» و«كفريا»!

16:292015/06/04
A
|
A
|

 داعش

(خـــــاص) – الخبر برس

تبعد مدينتا “فوعة” و”كفريا” الشيعيتان عن مدينة “إدلب” مسافة زمنية تقدر بـ 12 دقيقة فقط بالسيارة. وعندما سيطرت الجماعات التكفيرية -“جيش الفتح” و”جبهة النصرة”- على مدينة “إدلب” في 29 مارس الماضي، كانت ترى أن أمر مدينتي “فوعة” و”كفريا” منتهياً، لكن على خلاف ما توقعه التكفيريون، لم تكن مدينتي “فوعة” و”كفريا” باللقمة السهلة بالنسبة لهم، بل أنهما وقفتا في حلقهم.

تقع مدينتا “فوعة” و”كفريا” على بعد 10 كيلومترات شمالی شرق مدينة “إدلب”، ويفصلهما عن بعضهما حوالي ثلاثة كيلومترات. قبل سقوط مدينة “إدلب”، وبالنظر إلى كون المناطق المجاورة لهاتين المدينتين قد وقعت تحت سيطرة الجماعات الإرهابية المسلحة ومن بينها “جبهة النصرة”، كان هناك طريق واحد يربط هاتين المدينتين بمدينة “إدلب”، وبسقوط مدينة “إدلب” قطع أيضاً هذا الطريق. تشير أحدث الإحصائيات إلى أن عدد سكان مدينة “كفريا” يبلغ حوالي 15 ألف نسمة، بينما يبلغ عدد سكان مدينة “فوعة” حوالي 35 ألف نسمة، أي أن مجموع عدد السكان في المدينتين يصل إلى 50 ألف نسمة. تقع مدينة “بنش” جنوبی مدينة “فوعة”، وتعد هذه المدينة من المناطق المتأزمة والمضطربة، وقد تكونت بها أولى الجماعات الإرهابية التكفيرية مثل جماعتي “أحرار الشام” و”جبهة النصرة”.

في الشمال، تجاور مدينة “كفريا” أيضاً مدينة “معرة مصرين”، وهي كمدينة “بنش” تقع تحت سيطرة الجماعات الإرهابية المسلحة. ترتبط مدينتا “فوعة” و”كفريا” -اللتان تفصلهما مسافة ثلاثة كيلومترات- بطريق ترابي يقع تحت سيطرة الجيش السوري.

في أعقاب سقوط مدينة “إدلب”، قامت الجماعات الإرهابية التكفيرية بمحاصرة مدينتي “فوعة” و”كفريا” بهدف السيطرة عليهما، والأن فإن حوالي 50 ألف نسمة يقعون تحت الحصار الكامل للتكفيريين لمدة شهرين، ويعيشون في أوضاع بالغة السوء. تشهد بعض مناطق مدينة “فوعة” المجاورة لمدينة “بنش” اشتباكات متفرقة بشكل يومي بين لجان الدفاع الشعبي والإرهابيين التكفيريين، في الوقت الذي لا يجب أن نتجاهل فيه القناصة التكفيريين الذين يستهدفون أهالي هذه المنطقة. كذلك الأمر في مدينة “كفريا”، حيث تشهد المناطق المجاورة منها لمدينة “معرة مصرين” اشتباكات يومية عنيفة بين لجان الدفاع الشعبي لهذه المدينة والعناصر الإرهابية في مدينة “معرة مصرين”.

يعد الاعتداء الذي حدث على مدينتي “فوعة” و”كفريا” في 25 من شهر فبراير الماضي هو أكبر وأهم اعتداء حدث على هاتين المدينتين منذ مطلع العام الميلادي الحالي وحتى الأن، وقد واجه مقاومة شرسة من قبل لجان الدفاع المدنی، مما أضطر الجماعات الإرهابية إلى الانسحاب، لذلك يمكن القول بكل ثقة أن الأوضاع الأمنية لهاتين المدينتين تقع تحت سيطرة لجان الدفاع المدني، وأن هذه القوات تسيطر تماماً على كافة النقاط الحدودية المحيطة بهاتين المدينتين، وترصد منها تحركات الجماعات الإرهابية التكفيرية.

منذ بداية الأزمة في سوريا، كان الشيعة في مدينتي “فوعة” و”كفريا” حاضرين دائماً في الدفاع عن وطنهم إلى جانب الجيش والقوات المسلحة السورية، وقد لعبوا دوراً كبيراً في هذا الصدد. إلى جانب ذلك، فإن عدداً كبيراً من شباب هاتين المدينتين يشاركون في صفوف المدافعين عن حرم السيدة زينب. لقد شارك الشيعة في مدينتي “فوعة” و”كفريا” كذلك إلى جانب قوات الجيش السوري في عمليات كسر الحصار على مدينتي “نبل” و”الزهراء” الشيعيتين في الريف الشمالي لمدينة “حلب”. بالتأكيد إن هذا ليس بالأمر الذي يمكن أن يخفى على الجماعات الإرهابية التكفيرية، لذلك فإن هذه الجماعات تعرف جيداً أن كافة أهالي مدينتي “فوعة” و”كفريا”، كباراً وصغاراً على دراية بفنون الحرب وحمل السلاح، ما دفعهم إلى محاصرة هاتين المدينتين بعد السيطرة على مدينة “إدلب”، وقطع اتصالهم بالعالم الخارجي، حيث أنهم كانوا يعلمون جيداً أن الشيعة في مدينتي “فوعة” و”كفريا” يمثلون قوة داعمة مهمة للجيش السوري، وأن قطع الاتصال بينهم وبين الجيش السوري يعد بمثابة توجيه ضربة كبيرة للقوة العسكرية للجيش السوري في مدينة “إدلب”.

إن فشل الجماعات الإرهابية التكفيرية في السيطرة على مدينتي “فوعة” و”كفريا” دفعهم إلى الضغط على الأهالي لإجبارهم على الاستسلام، أو على الأقل لتسهيل احتلال هاتين المدينتين من خلال انهاك قوى الأهالي. في هذا الإطار، قامت هذه الجماعات بالقطع الكامل لكافة خطوط نقل الماء والكهرباء والغاز، ومنع دخول كافة أنواع المواد الغذائية، والدواء والمساعدات إلى الشيعة في هاتين المدينتين. لقد واجه الأهالي في الأسبوع الأول من الحصار نقصاً في الدقيق والوقود، مما أدى إلى غلق المخابز. لقد اتجه الكثير من الأهالي إلى استخدام الحطب لتوليد الوقود، كما قاموا بطحن القمح بأنفسهم لتوفير الدقيق. اتجه أهالي مدينتي “فوعة” و”كفريا” كذلك إلى زراعة الخضروات لتوفير احتياجاتهم من المواد الغذائية الأخرى، لذلك فإنه في حال طالت مدة الحصار، سوف يواجه الأهالي أزمة في توفير المواد الغذائية. على الرغم من محاولات الجيش السوري لتوفير احتياجات الأهالي من المواد الغذائية والدواء من خلال الجو، إلا أن عدد السكان الكبير لهاتين المدينتين يجعل هذه المساعدات غير مؤثرة بشكل كبير.

من خلال ما تم ذكره عن الأوضاع الأمنية والمعيشية لمدينتي “فوعة” و”كفريا”، يمكن إدراك الأوضاع الصحية لهاتين المدينتين. تواجه الأن المستشفى التخصصي لمدينة “فوعة”، كما يواجه المركز الصحي في مدينة “كفريا” نقصاً في الدواء والمعدات الطبية بسبب الاستمرار في الحصار. إلى جانب ذلك الوضع، يجب إضافة علاج الأفراد المتضريين من قذائف الهاون التي تطلقها الجماعات التكفيرية والعناصر المسلحة، فهم يحتاجون إلى العلاج الفوري، وعدم توفر الإمكانات والمعدات الطبية والعلاجية يزيد من معاناة الأهالي بشكل أكبر. على الرغم من أن أهالي مدينتي “فوعة” و”كفريا” يؤكدون أنهم سوف يتصدون لهجمات الجماعات التكفيرية بكل ما لديهم من قوة، وعلى الرغم من تمتعهم بروح معنوية عالية في مواجهتهم لهذه الجماعات، إلا أنهم لا يستطيعون إخفاء قلقهم من الهجمات الانتقامية لجماعة “جبهة النصرة” التكفيرية، خاصة وأن مدنهم تقع تحت الحصار الكامل وهذا الأمر يضعهم في مأزق. بعد سقوط مدن “إدلب” و”جسر الشغور” و”أريحا” تتعرض الأن مدينتي “فوعة” و”كفريا” لخطر الهجمات الانتقامية أكثر من أي وقت مضى، وليس من المستبعد أن تكون هاتين المدينتين هما الهدف القادم لهذه الجماعات.

بغض النظر عن الحصار الذي يعيش فيه الشيعة في مدينتي “فوعة” و”كفريا” والذي سينتج عنه كارثة إنسانية في حال استمر، فإن سقوط هاتين المدينتين في أيدي الإرهابيين من جماعات “جبهة النصرة” و”جيش الفتح” سوف يخلف بدوره كارثة إنسانية أكبر بكثير من الكارثة الأولى، خاصة وأن هاتين المدينتين بهما عدد كبير من السكان، ولا يخفى على أحد العداء الذي يكنه التكفيريون للشيعة. في ظل هذه الظروف، يجب أن يتم اتخاذ خطوة عاجلة من أجل انقاذ 60 ألف إنسان برئ، وإن لم يحدث ذلك، وفي حال سقوط مدينتي “فوعة” و”كفريا”، يجب أن ننتظر كارثة إنسانية كبيرة في سوريا.

(المصدر: الخبر برس)


5amsat
على مدار الساعة
على مدار الساعة
mostaqel
mostaqel
5amsat
Mostaqel
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني