"بحكيه بالشرق.. برد عليي بالغرب"، هو ذلك المثل الشعبي الذي يطبق على السياسيين في لبنان الذين اعتادوا على اطلاق الردود وتسجيل المواقف الساسية، لعل تلك العادة تأتي تلقائياً بعد اسئلة الصحفيين المباشرة أو اسئلة الرأي العام الضمنية التي تفرض نفسها الحدث الأول بعد أي خطاب لأحد السياسيين في لبنان.
منذ أيام أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في يوم القدس العالمي، بخطاب حمل جملة عناوين ومواقف، كان ابرزها تسليط الضوء على وضع اسرائيل الحالي في ظل ما يحدث في سوريا، والدور الذي تلعبه الأخيرة في محور المقاومة بوجه الكيان الصهيوني. وبعد خطاب نصرالله، أطل الرئيس سعد الحريري بمناسبة الإفطار المركزي لتيار المستقبل، بخطاب الرد على نصرالله، فسجل مواقف سياسية - لبنانية وأخرى إقليمية وجل ما جاء فيها ان "الطريق الى القدس لا تمر بالزبداني".
ما سمعناه على لسان الحريري ليس بجديد ويجسد مواقف تيار المستقبل من ناحية تدخل حزب الله في سوريا، ولكن هل كان الرد على خطاب نصرالله يحمل رأياً معاكساً لما جاء في خطاب نصرالله؟ او بمعنى لآخر، هل فهم الحريري رسالة نصرالله ومضمون الخطاب؟
الحريري ليس الأول في تياره الذي يبادر الى الرد على خصومه السياسيين دون ان يبلغوا الهدف المنشود، فكثير من السياسيين يسارعون الى اطلاق الردود عبر وسائل الإعلام او عبر وسائل التواصل الإجتماعي.
ما قاله السيد نصرالله عن اسرائيل لا يحتاج الى تفسير، فهو اشار الى ارتياح وضع "اسرائيل" حالياً بسبب الحرب القائمة في سوريا. كلنا يعلم ان سوريا حليفة حزب الله، وهي تعتبر مصدر دعم عسكري للحزب في لبنان وتحالفها معه يشكل قوة تهديد لأمن الإحتلال. لذلك فمن الطبيعي ان يقوم الحزب بمساندة الحليف السوري لتأمين أمن لبنان وحدوده الشمالية والجنوبية على حدٍ سواء.
ما فهمه تيار المستقبل، ترجم على لسان الحريري بجملة تكاد تبعد كل البعد عن الرد على خطاب السيد، فهو قال ان الطريق الى القدس لا تمر بسوريا! الجملة السابقة كسائر الجمل في ردود الساسيين في 14 و 8 آذار. ان اطلاق المواقف دون فهم الموقف المعاكس كحلقة تدور حول نفسها، فالشخص الذي يرد بكلام حفظه سابقاً ولا جديد فيه، يعبر عن تشبث برأي واحد لا مجال للنقاش فيه، وكأنما هو درس يجب ان يحفظ دون اللجوء الى المبادرة بالرد على الكلام بالكلام المناسب وعلى الخطاب بالخطاب المناسب.
فاليجد السياسيون اللبنانيون من 8 و 14 ردهم المناسب وليجيبوا عن اسئلة الرأي الآخر بدل المبادرة الى توزيع الكلام الذي غالباً ما يكون فارغاً، وهذا هو سبب عدم الإتفاق بين مختلف الشرائح الساسية في لبنان.
خاص - لبنان الآن