بات يستحيل أن يمرّ عامٌ من دون أن تسقط المزيد من النساء كضحايا للعنف الأسري. تُراكم الجمعيات النسوية وهيئات المجتمع المدني المزيد من أسماء النساء اللواتي يمُتن قهراً وقتلاً على أيدي أزواجهن، فيما تُراكم الدولة ومن خلفها القضاء المزيد من الفشل في حمايتهن.
بالأمس، استفاقت بلدة فنيدق العكارية على خبر وفاة ابنتها الشابة ميمونة أبو العائلة على يد زوجها اللبناني محمد الطحش إبن بلدة القرقف في عكار.
قضت إبنة العشرين عاماً في منزلها الزوجي الكائن في القليعات، بعد أن أقدم زوجها (24 عاما) على ضربها بالنرجيلة وطعنها بسكين عدة مرات في رقبتها. والسبب ماذا؟ خلافات زوجية بينهما.
قتل الطحش زوجته بدم بارد. أفرغ غضبه وحقده في جسدها الطريّ، وعندما انتهى منها، لجأ إلى مكان عمل شقيقها، الذي كان يقطن معهما، طالباً منه مبلغاً من المال بحجة أن ميمونة تريد أن تذهب لزيارة أختها في طرابلس، ليتبيّن لاحقاً أن الطحش أخذ المال ليتمكن من الهرب، حيث تم إلقاء القبض عليه في محلة التلّ في طرابلس وحوّل إلى القضاء المختص.
عُمر معاناة ميمونة من عمر زواجها. عاشت الشابة ثمانية أشهر مع زوجها في عذاب مضنٍ، حيث مارس بحقها أشد أنواع العنف والتهديد والتعذيب. وكان «يتفنن» في تعذيبها وتعنيفها كُلما طالبته بالطلاق، وفق رواية والدتها.
وتقول الوالدة الثكلى لـ «السفير»: «كان يعاملها بقسوة وعنف كلما طلبت منه الطلاق»، مشيرةً إلى أن «المشاكل التي كانت تنشبّ بينهما كانت عادية وتحصل عادةً بين أي زوجين، إلا أننا لم نتخيّل أنه من الممكن أن يُقدم على قتلها يوماً».
كان فيصل أبو عائلة أول من رأى أخته مضرّجة بالدماء. حاول إسعافها لكن من دون نتيجة إذ كانت قد فارقت الحياة. وأوضح الشاب المفجوع بخسارته أن «العائلة ستتابع القضية حتى النهاية، فنحن لن نستكين قبل محاكمة القاتل».
من جهتها، أوضحت مسؤولة التواصل في منظمة «كفى عنفاً واستغلالاً» مايا العمّار لـ «السفير» أن «المنظمة تواصلت مع ذوي ميمونة واضعةً كلّ خبرتها وقدراتها لمساعدتها في الشقّين القانوني والإعلامي»، مشددةّ على أن «ما يهمنا هو تحقيق العدالة عبر محاسبة المجرمين وإنصاف النساء بهدف تشكيل رادعٍ قضائي وأخلاقي للحد من الاعتداءات المتكررة على النساء».
إلى ذلك، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أمس بياناً أكدت فيه أنه «نتيجة للتحريات والمتابعة، تمكنت شعبة المعلومات من توقيف زوج ميمونة في مدينة طرابلس»، «وبدا أنه مصابٌ بجرح في ركبته اليمنى، حيث كان يهمّ بالصعود إلى متن سيارة نوع مرسيدس (لف) بداخلها شقيقاه (ع. ط. مواليد عام 1989) و(ع. ط. مواليد عام 1995)، وكل من (ب. ر. مواليد عام 1993، لبناني) و(خ. ر. مواليد عام 1997، لبناني)، بهدف الفرار». وأشار البيان الى أنه «جرى توقيفهم جميعاً، والتحقيق جارٍ من قبل فصيلة ريفون في وحدة الدرك الإقليمي وبإشراف القضاء المختص».
يذكر أن بلدة فنيدق العكارية، شيّعت، عصر أمس، ابنتها ميمونة وسط أجواء من الحزن والأسى ومطالبات بإنزال أشدّ العقوبات بحق القاتل، خصوصاً أنها الحادثة الثانية من نوعها التي تقع في منطقة جرد القيطع العكارية، بعد حادثة مقتل الشابة زينت طالب (من بلدة عين الذهب) في استراليا على يد زوجها الذي قام بذبحها بدم بارد.
نجلة حمود – السفير