مصيبة «الطعن» جمعت العونيين والمستقبل
آمال خليل – الأخبار
المصيبة تجمع. احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية جدّد الحلف بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر. دائرة صيدا ــ جزين التي أفرزها توافق الحليفين على قانون الانتخابات النسبي، عادت لتكون المضمار الأبرز لاختبار حسن النيات ومراعاة المصالح المشتركة. آخر الأجواء التي ينقلها قياديون في التيارين، تتحدث عن «وضع استراتيجية انتخابية للتحالفات والماكينات تنتج لائحة مشتركة بين المستقبل والعونيين تحقق الفوز بأربعة مقاعد من أصل خمسة في الدائرة».
المقاعد الأربعة هي: المارونيان والكاثوليكي في جزين التي يملك عليها العونيون النفوذ الأكبر منذ انتخابات عام 2005، والمقعد السني في صيدا الذي تشغله النائبة بهية الحريري. ماذا عن المقعد السني الثاني؟ تقول مصادر صيداوية إن الحريري «لم تعد تتحفظ عن الكشف عن سوء العلاقة مع الرئيس فؤاد السنيورة». كذلك فإنها لم تعد تكترث بحضور غرباء عندما تقول: «لم يعد هناك شيء اسمه قوى 14 آذار»، كما قالت في دردشة مع ضيوف لها في مجدليون. علماً بأن السنيورة نفسه استبق الإحراج المحتوم قبل أشهر من غيبة سعد الحريري الثانية بالتلميح إلى أنه قد لا يترشح للانتخابات النيابية المقبلة. وليس سراً أن الأصوات الـ23 ألفاً التي حصل عليها السنيورة في انتخابات 2009 في مقابل 26 ألفاً للحريري «كانت بفضل تكليف القاعدة إسقاط اللائحة في الصناديق زي ما هيي». في الإطار نفسه، أكدت المصادر أن «السنيورة لن يترشح في صيدا، وإذا قرر الترشح، فقد يترشح في بيروت خارج كتلة المستقبل». قيادي عوني جزيني أكد أن المستقبل «يفكر في ترشيح الحريري وحدها في صيدا وترك المقعد الثاني شاغراً، ليس فسحاً في المجال لكي يفوز به النائب السابق أسامة سعد، بل لأن منافسته ستكون صعبة بالسنيورة أو بسواه».
عند إنجاز التحالف البرتقالي – الأزرق، لم يكن ذلك المشهد غريباً. الحليفان ركلا حليفهما المشترك، القوات اللبنانية. العونيون تباعدوا عن النائب السابق أسامة سعد، في ظل خصومتهم الدائمة مع إبراهيم عازار. في مقابل تباعد مستقبلي عن الجماعة الإسلامية. مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني جبران باسيل من جهة ومواقف الحريري من جهة أخرى، بدأت تساهم في تقبّل قاعدة الطرفين بعضهما لبعض. لكن هل يكفي غرامهما الثنائي؟ لا يقطع العونيون الشعرة مع سعد. وفود قيادية عدة تزوره بين الحين والآخر، فضلاً عن تواصله المباشر مع عون. مصادر عونية مطلعة لفتت إلى أن العونيين «يتمنون أن يقبل سعد بالترشح في لائحة واحدة تجمعه مع الحريري صيداوياً ومع المرشحين العونيين جزينياً». البعض ذهب في طموحه إلى أبعد من ذلك. روّج أن الرئيس نبيه بري يمكنه أن يقنع عازار بالانضمام إلى اللائحة الخماسية والحصول على أحد المقعدين المارونيين. هل الأمر بهذه السهولة؟
أوساط سعد تجزم بأنه لا يزال يصرّ على لاءاته. «لا للتحالف مع المستقبل أو القوات». المشهد الأقرب إلى منطق قاعدة القوى الوطنية في بوابة الجنوب يقضي بتحالف سعد مع عازار وشخصيات أخرى لا تشكل استفزازاً للمزاج الصيداوي الذي قاوم الاحتلال الإسرائيلي وعملاءه.
في الحالتين، لا يبقى في الخارج سوى القوات التي باتت الخصم المشترك بين العونيين والمستقبل، خصوصاً أنها بكّرت في ترشيح عجاج حداد للمقعد الكاثوليكي في جزين من دون التشاور مع حليفها المسيحي. بحسب رئيس دائرة الإعلام الداخلي في القوات اللبنانية مارون مارون، «من المبكر الحديث عن التحالفات التي ستتحدد في ربع الساعة الأخير بالنسبة إلى دائرة صيدا ــ جزين». ولفت إلى أن تركيبة القانون والصوت التفضيلي «يفقدان التحالفات قيمتها». وعن الخصومة المستجدة مع المستقبل والتيار الوطني، قال مارون إن القوات «ليست في قفص الاتهام، والآخرين ليسوا بوارد مقاضاة أي طرف لبناني أصيل كالقوات». أما عن ترشح السنيورة من عدمه في صيدا، فرأى مارون أن رئيس كتلة المستقبل «أحد رموز التيار، ولن نتدخل في شؤونه الداخلية».
في السياسة يقال الكثير، لكن ماذا تقول الأرقام؟ يشير الخبير الانتخابي كمال فغالي، إلى أن ما يحكى عن حلف يضم العونيين والمستقبل وسعد وعازار وحزب الله وحركة أمل مثل «الجعجعة من دون طحين». وأكد أن اجتماعهم في لائحة واحدة يوصلهم إلى خسارة مقعد واحد على الأقل. في حين أنهم إذا توزعوا على لائحتين يضمنون الفوز بخمسة مقاعد. يرجّح فغالي أن القوات والجماعة الإسلامية لا يملكان حظوظاً للفوز. وعليه، يتوزع مشهد الفوز الأولي بين النائبة الحريري ومرشحين عونيين اثنين من اللائحة الأولى وسعد وعازار من اللائحة الثانية.