فؤاد مخزومي
يسعدني أن أكون بينكم لأفتتح قاعة للقرآن الكريم باسم ابني الحاج رامي مخزومي. رامي ذلك الشاب الذي كان يتمتع بشغف كبير للحياة، ولطالما كان يردد “قِيَمي هي تحقيق التوازن وإعطاء مستحقات العناصر الرئيسية الثلاثة في حياتي: الدين الذي يجسد القيمتين التاليتين: العمل والعائلة”.
القرآن الكريم لا يحثنا على تنفيذ تعاليم الدين الحنيف فحسب، بل على العلم والعمل. وهما اليوم سلاحنا. لذلك صار لزاماً علينا أن نحضر أجيالنا الجديدة لمواجهة التحديات بسلاح العلم والمعرفة لخوْض معركة وجودنا ونوعية حياتنا. ومن الضروري أيضاً إعادة النظر في البرامج التعليمية، وخاصة الجامعية منها، وتوجيه الطلاب إلى الاختصاصات التي يطلبها سوق العمل اللبناني أولاً، ومن ثم أسواق العمل المفتوحة للبنانيين في الدول التي تعتبر بمثابة دول هجرة عودة، مما يؤدي إلى تحجيم البطالة المحلية، وتصدير الفائض فقط من الخبرات اللبنانية. كما بات من المطلوب إعداد برامج لإعادة تأهيل الشباب وتدريبهم على المهن والوظائف التي يحتاج إليها لبنان، خصوصاً مع الثروة الجديدة أعني الغاز، وكلنا يعلم أن هذا القطاع سوف يوفر أكثر من 25000 فرصة عمل.
لا أخفيكم أن طموحنا اليوم هو أن يحصل الجيل الجديد على أخلاقيات ومفاهيم إسلامية نعتز بها ويحتاجها الوطن اليوم أيّما احتياج مثل التسامح والصدق والنزاهة والتشارك والحوار.
لن أتطرق إلى السياسة، فمستقبل لبنان الاقتصادي ورفاهية شعبه هما ما يشغلنا، والأهم هو التنمية. هذا المصطلح الذي لم يدخل آداب لبنان الاقتصادية حتى الآن. فإرساء دعائم هذه التنمية يتطلب سياسات إقتصادية مختلفة عن تلك التي كانت سائدة في السنوات الماضية. وأنتم أدرى الناس بهذه الحاجة الملحة، أنتم المهجرون من بيروت لأن شبابكم لا يستطيعون السكن فيها بسبب غلاء الشقق وإيجاراتها.
إن أمننا الاجتماعي في خطر واقتصاد البلد في خطر. لذا فمن الضروري بمكان لكل من يريد قيامة لبنان الحفاظ على أمنه الاجتماعي وليس هناك من حصانة إلاّ بالاستقرار الاقتصادي والمعيشي والتعليم والطبابة والبيئة النظيفة، فضلاً عن الأمن الغذائي وتأمين فرص عمل للشباب. وكل ذلك يعوزه القرار السياسي الشجاع في مواجهة الفساد المستشري في كل القطاعات.
يجب أن نعمل على إعادة دور الطائفة السنيّة الوطني الإسلامي والقومي. ونأمل أن نتعاون لمصلحة بلدنا وأهلنا، وندعو الله أن يفتح قلوبنا على الخير. ونسأله عزّ وجل أن يسدد خطانا من أجل خير أهل بيروت أينما كانوا وكيفما حلوا الذين طالما كانوا جسراً بين مختلف مكوّنات المجتمع اللبناني. لأن لبنان حرزان…
- كلمة المهندس فؤاد مخزومي في افتتاح قاعة الحاج رامي مخزومي لتدريس القرآن الكريم في جامع الحياة – عرمون في 30 آذار 2018.
