بعلبك الغنية بالمياه أضحت عطشى ، فقد جفت مياه بحيرة البياضة التي تغذي مجرى نهر رأس العين الذي جف بدوره ، واقتصرت موارده على مخلفات المياه المبتذلة ، ممّا حول البحيرة والنهر إلى بؤرة آسنة تهدد الصحة العامة ، وتهدد بقطع أرزاق المقاهي والمطاعم والمنتزهات الممتدة على طرفي محلة رأس العين.
الكارثة البيئية التي طاولت بحيرة البياضة التي تضم معلماً رئيسيّاً من المعالم الأثرية في المدينة ، والذي يعود إلى العهد الروماني ، حيث كان يستجم صيفاً أباطرة الرومان ، وتهديد المنظومة الأيكولوجية والتوازن البيئي في بعلبك ، استدعى من إعلاميي المدينة إطلاق صرخة أمام كل من يعنيهم الأمر لإنقاذ مدينتهم من الكارثة التي تزداد خطورة دون أن يبادر أحد لاتخاذ خطوة عملية نحو الحل المنشود . كما تداعى الإعلاميون إلى لقاء مع رئيس بلدية بعلبك الدكتور حمد حسن على ضفاف بحيرة البياضة التي هجرتها مياهها للتداول بما يمكن اتخاذه من تدابير آنية ومستقبلية من جهة ، وللوقوف على الخطوات التي اتخذها المجلس البلدي.
استهل حسن اللقاء متوجهاً إلى الإعلاميين بالقول : " نحن اليوم من خلالكم ، ومن خلال النشاط الإعلامي المميز لرفع الصوت والصرخة والنداء إلى كل من يعنيهم الأمر ، واهتمامكم المعهود بالشأن العام ، نناشد كل الوزارات المختصة ، لا سيما وزارة البيئة والزراعة والطاقة والداخلية والأشغال العامة ، لكي تتضافر الجهود لإنقاذ مدينة بعلبك وآثارها وشعبها من الكارثة البيئية الناجمة عن شح المياه نتيجة انخفاض منسوب المتساقطات ".
وتابع : " نحن نواجه حالة طارئة خطيرة ، تتعلق بالبنود الأربعة التالية :
أولاً – ضرورة إيجاد حل لمشكلة جفاف مياه نبع البياضة في هذا المعلم الثري الروماني ، مع ما يستتبع ذلك من مخاطر سواء على المساحات الخضراء على امتداد مجرى النهر وفي البساتين ، أو على الحركة السياحية والاقتصادية في المنتزهات والمرافق السياحية والأسواق ، أو على الكائنات الحية ومنها الثروة السمكية النهرية ومنها السمكة الذهبية وأنواع أخرى نادرة يعود بعضها إلى الحقبة الرومانية قبل ألفي سنة وهي مهددة بالانقراض ، في حين يجب بذل الجهود للمحافظة عليها .
ثانياً : إيجاد حل لمشكلة التلوث في البحيرة وعلى طول مجرى النهر ، إذ أن جفاف مياه النبع والنهر كشف عن اعتداءات قديمة العهد لصرف غير صحي نحو البياضة ونهر رأس العين ، وبعضها أدنى من مستوى قعر النهر بأكثر من متر، لذا يجب العمل مع المعنيين لتأمين خط يعزل شبكة الصرف الصحي بتمديدات جديدة وإزالة التعديات .
ثالثاً : مشكلة شح المياه التي تروي البساتين ، التي تشكل الحزام الأخضر للمدينة ، والتي تؤمن مصدر عيش للمزارعين ولقمة عيش القاطنين في بعلبك ، من هنا ضرورة استنباط حلول لأن شح المياه أدى إلى أضرار جسيمة .
رابعاً : المشكلة الأيكولوجية ، إننا نواجه خطر التصحر ، والتغيير المناخي الذي ترصده المراكز العلمية ، سينعكس سلباً بالتأكيد على الثروات البيئية ، والتغير الأيكولوجي له تداعياته على الصعيد البيئي والصحي والاجتماعي والاقتصادي في المدينة ".
وقال حسن : " بادرت البلدية إلى تشكيل خلية أزمة قوامها رئيس البلدية وثلاثة أعضاء من المجلس البلدي ونخبة من أصحاب الاختصاص ومن مهندسي المدينة ، واللجنة تدعو أي مواطن صاحب اختصاص بأن يتقدم بدراسة تفيدنا في معالجة المشكلة . كما تواصلت البلدية مع الوزارات والإدارات العامة المعنية لإرسال خبراء وفنيين للكشف ميدانيا والإطلاع على حجم الكارثة ، وما زلنا بالانتظار ".
وكشف حسن بأن أحد الآبار في المرتفعات التي تطل على بعلبك والمسمى بئر الـ 17 في إشارة إلى قوة ضخه البالغة 17 إنشاً والذي يشكل أحد مصادر مصلحة المياه للاستفادة منه بتأمين مياه الشرب للمدينة يحرم البياضة من أهم موارد التغذية لها لأنه يشكل المصدر الرئيسي للنبع ، لذا تم الطلب من مصلحة المياه بوقف الضخ من البئر المذكور لإعادة الحياة إلى النبع والتركيز في الضخ على سائر الآبار في المدينة لتعويض النقص بمياه الشفة ، ولكن حتى الآن لم نجد أي تجاوب "
ورأى أن إحدى الأفكار التي تدرس ، تتعلق بحفر بئر ارتوازي جوفي في محيط البياضة وضخ المياه إلى البحيرة لإعادة إحياء الطبيعة وتجديدها في بعلبك .
وختاماً شكر حسن للإعلاميين على مبادرتهم ، وجرى التداول بمجموعة من الأفكار العملية لتدارك الكارثة البيئية في المدينة .