بول باسيل - رغم صمود سورية الجبار في وجه الهجمة الاستعمارية عليها، ما زالت المنطقة على حالها من عدم الاستقرار بانتظار انتظام القوى في المنطقة. المؤشرات المتناقضة تؤكد وجود توازن وإقرار أميركي بذلك؛ فمن جهة يدعو وزير خارجيتها جون كيري "حزب الله" وإيران وروسيا للعمل على إحلال السلام في سورية، ومن جهة أخرى لا تزال تدعم المجموعات المسلحة بالأسلحة، ولا تقرّ بشرعية الرئيس السوري بشار الأسد.. عن هذه الأسئلة وأحوال المنطقة في لبنان، سألت جريدة "الثبات" العميد الركن المتقاعد الدكتور أمين حطيط، وإليكم أبرز ما جاء:يفسر العميد حطيط المؤشر الإقليمي والدولي انطلاقاً من البوابة السورية، منطلقاً من العدوان على سورية بعد مضي 3 سنوات؛ يؤكد حطيط على أنّ المواجهة التي خاضها محور المقاومة كان بمستويات ثلاث، على الصعيد الاستراتيجي تمّ إحباط هجوم نقل سورية من محور المقاومة والممانعة إلى المحور الذي يعاديه، وضمن هذا السياق برأيه من السهل تسجيل انتصار الدفاع على الهجوم وفق المعايير المعتمدة في القواعد الاستراتجية، أما بخصوص المحور الثاني، فيشير إلى المستوى العسكري، يقول: "كانت الخطة تعتمد على منطق سياسة احتلال أراضٍ لتفكيك الدولة ومنع انتشار تمدد مركزية القرار لصالح نمو العصبيات التفتيتية، وضمن هذا السياق، نلاحظ ميدانياً أن القوات السورية استطاعت إفشال 70% من الخطة من خلال امتلاكها نحو 90% للأراضي المأهولة بالسكان، ومنع الجماعات المسلحة من إنشاء مناطق آمنة تستطيع إقامة سلطة عليها، والولايات المتحدة الأميركية بحكم أذرعتها المخابراتية تعرف هذه المعطيات على حقيقتها، ولهذا السبب تجهد في الوقت الراهن على إمداد الجماعات المسلحة بالأسلحة للحفاظ على ثبات الجماعات المسلحة وعدم تراجعها، ولهذا السبب ناشدت أميركا من خلال كيري إيران و"حزب الله" وروسيا وقف مساعدة سورية للحدّ من انتصارات الجيش السوري".يعتبر حطيط أنّ المستوى الثالث في أزمة الصراع داخل سورية عنوانه أمني بامتياز، وبرأيه يشمل سورية والمنطقة ككلّ، "التصدي للخلايا الإرهابية المتناثرة وغير المضبوطة تفرض تعاوناً إقليمياً ودولياً لمواجهته، وسورية ومحور المقاومة بات يتربّع على بنك معلومات هامة بهذا الخصوص، وأميركا وأوروبا بحاجة بشكل أو بآخر إلى التعاون مع المخابرات السورية في مسألة مواجهة الإرهاب المرتدّ عليهم".يضع العميد حطيط التفاف الشعب السوري حول رئيسه بشار الأسد وانتخابه لدورة جديدة، التفافاً للدولة والاستقرار، وضمن هذا السياق، أميركا المعروف عنها تطبيق سياسة الواقعية والبراغماتية، تعرف أنّ الاعتراف بالأسد في هذه اللحظة إقرار بفشل كل الجهود التي بُذلت لإسقاط سورية، وبالتالي ستسعى بكافة السبل الحدّ من خسائرها الاستراتجية، "رفض أميركا الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية في سورية لن يغيّر واقع الحال، لكنه يعني أيضاً عدم مصادقة على الخسارة، وإبقاء الانقسام العمودي على مستوى الدول في ظلّ إعادة تكوين مناطق النفوذ، وفي هذا المجال من الجيّد التذكير أنّ 55% من شعوب الأرض (دول البريكس ومحور المقاومة) تعترف بالانتخابات، فيما الـ45% لا يقرّ بها".كيريزيارة كيري إلى لبنان، بحسب العميد حطيط، لها جملة أمور، برأيه العنوان الأول يشير إلى أنّ الفراغ الرئاسي في لبنان سيطول أمده، وأنّ رسالته إلى اللبنانيين إدارة هذه الفراغ بشكل خافت وهادئ، لأنه بحسب أولويات أميركا، يتمّ معالجة قضايا أخرى أكثر أهمية.. أمّا العنوان الثاني يؤكد أن أميركا تتعاطى مع لبنان كطوائف مجتمعة وليس كدولة، ولهذا السبب اجتمع مع الطوائف الثلاث الرئيسية ولو كانت في ظلّ سقف الدولة الشكلية.. وبرأي العميد حطيط، إدارة الفراغ كانت رسالة أميركية مباشرة، فيما التعامل مع تعددية الطوائف كانت رسالة مشفرّة، أمّا الرسالة الأبرز، فتمثلت باعتراف أميركي ضمني بالواقع الميداني السوري وإقرار بضرورة التواصل والاعتراف بحزب الله".مصرنسأل حطيط عن توجّه المنطقة بعد مرور سنوات على مشهد ما أطلق على حراكه بـ"الربيع العربي"، يقول: "اليوم نحن في مرحلة ما بعد "الإخوان"، هذا "الحريق العربي" كان هدفه إقامة هلال إخواني حاضن لإسرائيل من شمالي إفريقيا وصولاً إلى تركيا، ولإغراق المنطقة في صراعات داخلية أهمها وضع القوس الشيعي في مواجهة القوى السلفية.. واليوم مع سقوط القوس الإخواني نشأت منظومة "الدول القائمة على النظام الأمني" لوقف امتداد الإخوان من جهة، ووضع يد عسكرية أمنية على البلدان المختلفة، مع الاحتفاظ بديمقراطية شكلية".وبرأي حطيط نموذح الرئيس المصري "السيسي" بتوفير الأمن وإراحة الشعب من الإخوان، يستند أيضاً على مسعى كسر التبعية، وهذا الأمر سيؤدي بشكل أو بآخر إلى تلاقي المصالح، وتلاقي الفضاءات الخارجية بين دولتين أساسيتين كبيرتين هما مصر وإيران، ويقول حطيط: "هذا التلاقي لا يعني السير بإغضاب تركيا أو السعودية، ولهذا السبب المنطقة برأيي متجهة لتشكيل مربّع الفضاءات الاستراتجية المتناغمة والمتنافسة (تركيا – إيران – السعودية – مصر) وهذا الأمر سيعطي إسرائيل فترة هدوء وراحة بانتظار اكتمال تشكّل البناء الاستراتيجي للدول المعنية، ومصر مع السيسي انتقلت من فضاء استرتيجي صفر إلى فضاء استراتيجي إيجابي، وهو سيكون باتجاه المشرق العربي كما إلى مغربه، وباعتقادي انفتاح مصر على المشرق تجاه إيران سيكون مقيداً وليس مطلقاً، ومع تركيا منافساً ومع السعودية متناغماً ومتنافسا، أما بخصوص المشرق العربي، فإنّ مصر متجهة تحت شعار المصلحة القومية إلى التحرّك بفعالية تجاه ليبيا والسودان".لبنانفيما يختص لبنان يشير حطيط إلى عدم توافر مؤشرات حقيقية لانتخابات رئاسية في المدى المنظور، يقول: "وهذا الأمر سيستمر أقله لشهر أيلول تشرين الأول المقبل، وهناك خطر محدق في ... |