SAT, 15-3-2025

«بوكو» و «الحرام»

08:382014/06/01
A
|
A
|







سمير السعداوي - تصدرت جماعة «بوكو حرام» النيجيرية عناوين الأخبار بعد خطفها عشرات التلميذات في شمال نيجيريا أخيراً، وتهديدها ببيعهنّ سبايا، ما لم يتم الإفراج عن معتقلين للجماعة في السجون المحلية.بات معلوماً أن الجماعة استمدت اسمها من تحريمها التعليم الغربي الذي يسمى في إحدى اللهجات المحلية «بوكو». وبمعزل عما إذا كانت أبعاد هذه التسمية المركبة جائزة فقهياً، مع الأخذ في الاعتبار انفتاح الإسلام التقليدي وتعايشه مع الحضارات الأخرى، فإن أهداف الجماعة تجاوزت إطار تسميتها وذهبت إلى حد تحريم كل نشاط سياسي واجتماعي تعتبره نتاجاً للثقافة والعادات الغربية، بما في ذلك الانتخابات والممارسة الديموقراطية بعامة.ومن اللافت أن الجماعة التي تأسست عام 2002 على يد مجموعة من الشباب الرافضين لأنظمة التعليم العصرية، اكتسبت قدرة على شن ضربات، بما يتطلبه ذلك من عتاد ولوجيستية، شأنها في ذلك شأن «حركة الشباب» في الصومال و «أنصار الشريعة» في ليبيا وتونس، و «المرابطون» الذين يقودهم المتطرف الجزائري مختار بلمختار.تلك وغيرها من الجماعات المحلية محسوبة نظرياً على تنظيم «القاعدة»، وتصاعد نشاطها منذ «غزوة نيويورك» (11 أيلول 2001)، بالتزامن مع ظهور تحذيرات استخباراتية غربية من اعتداءات تنفذها جماعات غير مرتبطة هيكلياً بالتنظيم الأم، لكنها تسلك نهجه الإرهابي. والملاحظ عموماً أن هذه الجماعات تتبع استراتيجية تُلحق الضرر ببيئتها المباشرة وبالدين الذي تدّعي الدفاع عنه.كما أنها تتبع لتأمين مصادر تمويلها، نهج العصابات، فهي تمارس التهريب والقرصنة وسائر الأعمال الإجرامية (كما تفيد تقارير أجهزة دول معنية برصدها لا سيما في الجزائر)، هذا إضافة إلى انتزاعها «مساهمات» محلية على صورة خوّات وإتاوات، وما تغنمه خلال هجماتها على عناصر الأمن.لا شك في أن تنامي قدرة الإرهابيين على تسديد ضربات، أحياناً خارج حدود دولهم، كما هو الحال بالنسبة إلى حركة الشباب الصومالية التي باتت تستهدف كينيا وإثيوبيا وجيبوتي وغيرها، يسلط الضوء على مسائل مهمة، كتراجع نفوذ السلطات المحلية وضعف السيطرة على الحدود وزيادة أعداد الجاليات المهاجرة وتغلغل الفكر المتطرف في أوساطها، نتيجة الفقر والتخلف والعزلة الناتجة من النظرة العنصرية تجاه لاجئي الحروب في الدول المحيطة.غير أنه بالنسبة إلى نيجيريا، هناك خصوصيات مرتبطة بضيق أفق الثقافة المحلية السائدة في الدواخل وعدم تقبلها الآخر، وتفاوت مستويات التنمية في بلد يعاني صراعاً طائفياً بين «شمال مسلم» و «جنوب مسيحي»، واعتبار كل مجموعة أنها تخوض صراعاً وجودياً.وعلى رغم الخصوصية المحلية، فإن مكافحة الإرهاب تتطلب تعاوناً خارجياً واسعاً، واستفادة من خبرات دول عانت من هذه الآفة وحققت نجاحات نسبية في مكافحتها، ليس بالوسائل الأمنية فحسب، بل أيضاً باتباع برامج توعية وإعادة تأهيل.يشكل الصراع السياسي في نيجيريا عائقاً مهماً أمام بسط نفوذ الدولة، وبالتالي تنفيذ برامج تنموية إصلاحية لـ «سحب البساط» من تحت المتطرفين، إلا أن هذا التحدي قائم أيضاً في دول مجاورة، وقد يكون الحل الأفضل هو المزج بين المعالجات المحلية الآنية، كتعزيز حماية المنشآت العامة والمؤسسات التعليمية وتشجيع الدعاة المعتدلين، مع معالجات إقليمية ودولية مثل وضع خطط جماعية لأمن الحدود وعزل دعاة التطرف، وقطع كل روابط تنسيق محتملة بين الجماعات الإرهابية، والتدقيق في تقارير عن وجود صلات بين عناصر «بوكو حرام» ومتشددين في تشاد المجاورة.


5amsat
على مدار الساعة
على مدار الساعة
mostaqel
5amsat
mostaqel
5amsat
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني