WED, 19-3-2025

متلازمة الشياح... خطيئة الموقع والهوية

15:162014/07/01
A
|
A
|







علي عواضة -عاد مشهد التفجيرات المتنقلة في المناطق اللبنانية إلى الواجهة مجدداً، لينهي أشهر العسل الأمنية التي رافقت المواطن في الآونة الأخيرة. فبعد انفجار ضهر البيدر والمداهمات التي نفذتها الأجهزة الامنية في الحمراء وموجة الشائعات والمعلومات المسربة عن سلسلة جديدة من الاغتيالات، ضرب الإرهاب احدى أهم مناطق العاصمة بيروت وأكثرها حساسية ... الشياح.الشياح ليست مركز بيروت، ولا كبرى مناطقها، ولا أكثرها كثافة سكانية، إلا أنّ تاريخها وحيثيتها الديموغرافية يجعلان منها هدفاً سهلاً لولادة فتنة طائفية يمكن أن تُرجع لبنان إلى زمن الحرب الأهلية، وتؤول عليه بأسوأ النتائج لعقود قادمة.هو ليس الاستهداف الأول ولن يكون الأخير للشياح، بهذه العبارة يشرح أحد عناصر الأجهزة الحزبية، المولج حماية المنطقة بالتنسيق مع القوى الأمنية، فاعترافات نعيم عباس، الموقوف لدى الأمن الداخلي اللبناني، عن مخططات إرهابية، لإحداث فتنة سنية ـ شيعية عبر تفجير في الشياح يدفع أهلها نحو القيام بردة فعل تجاه جيرانهم في الطريق الجديدة، كفيلة بأن توضح أهمية المنطقة وحساسيتها العالية، ما استدعى تكثيف الحواجز عند مداخل المنطقة وحمايتها من قبل ثلاثة أجهزة أمنية مختلفة، هي الأمن العام وقوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني.وأضاف المصدر أنّ للشياح خصوصية كبيرة، إذ تُعتبر أحد مداخل الضاحية وغالبية سكانها من الطائفة الشيعية، إضافةً إلى أنّ جوارها متنوّع من عين الرمانة، حيث الغالبية المسيحية إلى طريق الجديدة وغالبيتها من الطائفة السنية. وشاءت هذه الديموغرافيا أن تضعها سابقاً في واجهة الحرب الأهلية عبر بوسطة عين الرمانة، وما لحقها من معارك قاسية مع "الجار اللدود" للشياح، وها هم مجدداً تجار الدم يحاولون إعادة عقارب الزمن الى الوراء من أجل إشعال فتنة جديدة. ولكن هذه المرة مع الجار الآخر وهي طريق الجديدة.تفجير الشياح الأخير رسم علامات استفهام كثيرة لدى سكان المنطقة، أهمها المسار الذي سلكه الانتحاري ووصل منه إلى حاجز الجيش اللبناني الواقع بين الشياح والطيونة، والتوقيت الذي تم فيه التفجير المتزامن مع مباريات كأس العالم في كرة القدم، ولولا العناية الإلهية وشجاعة الشهيد في الأمن العام عبد الكريم حدرج لكنا أمام احتمال حصول كارثة دموية في المنطقة".في جولة صغيرة على شوارع منطقة الشياح يستوقفك إصرار السكان على لملمة الجراح، فقد عاد روّاد قهوة "أبو عساف"، التي شاهدوا التفجير على بعد أمتار، ورفعوا لافتة كتب عليها : "مهما عظم إرهابكم، فإنه يصغر أمام عظمة مواقفنا، وهامات شهدائنا"، كما أثبتت أصوات النرجيلة ولعبة الطاولة، إصرار أهل الشياح على الحياة المسالمة.وعي أهالي الشياح قابله وعي أكبر في طريق الجديدة ، كانا كفيلين بإخماد أي شرارة كان يهدف الانتحاري الى تحقيقها، وأصبحت قلوب أهالي المنطقتين الطيبة وعقولهم النيّرة مخرزاً في عيني الانتحاري الذي يرقد الآن في "أحضان جنةٍ" تبيح القتل والإجرام.يقول أحد أقارب الشهيد حدرج، إن زيارة وفد من طريق الجديدة، لتقديم واجب العزاء كانت رسالة واضحة من قبلهم بملاقاتهم لأهالي الشياح في عدم انجرارهم نحو التوتر المذهبي او الحزازيات التي يراد بثها بين المنطقتين، كذلك عززت الأجواء الإيجابية بينهم.ماهر، من سكان طريق الجديدة، لا يخفي تأييده للمعارضة السورية وآراءه التي تتعارض مع قوى 8 آذار، إلا أنّه يرد ساخراً على سؤال حول ما إذ كانت هناك حربٌ خفية بين منطقته والشياح: "أي حرب هاي، كلنا إخوة ببعض ، جيرة عمر ورح تبقى اذا كرهنا بعض أو حبينا بعض ما فينا نغير موقعنا الي فرض علينا نكون جيران، حتى الحرب الأهلية ما قدرت تغير واقع الجيرة بين الشياح وطريق الجديدة وبين عين الرمانة سابقاً".موقع الشياح جعل منه أرضاً خصبة لزراعة بذور فتنة مذهبية، حسبما تقوله فاعليات من المنطقة، وتفضل تشبيه خصوصيته بخصوصية بلدة عرسال البقاعية، حيث جعلها موقعها الجغرافي اضافة الى العوامل الديموغرافية، هدفاً لكل من يريد جر لبنان نحو الصراع القائم في المنقطة ورميه في قلب النار التي تلتهم دول الجوار، وكما كان الإرهاب يحاول بث التوتر بين عرسال واللبوة، ها هو اليوم يستثمر في الشياح.الارهاب عاد بقوة هذه المرة وبطريقة اخطر من الموجة السابقة، ففي ما مضى من عمليات ارهابية كان الهدف منها وحسب المجموعات المنفذة ايصال رسالة الى حزب الله بأنهم قادرون على استهداف بيئته الحاضنة وقلب الرأي العام المؤيد له في الضاحية الى ناقم على مشاركته الحرب في سورية، لتتبدل الاهداف في هذه المرحلة الى ما هو اخطر وابعد من ايصال رسائل او تفجير ردة فعل ليصبح التفجير ضمن مخطط ابعد من الحدود بخاصة بأن لبنان ليس بمنأى عما يحدث من حوله من العراق وما شهدته من شحن طائفي وقتل على الهوية المذهبية مروراً بمسلسل الدم السوري.


5amsat
على مدار الساعة
على مدار الساعة
5amsat
5amsat
mostaqel
5amsat
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني