بوادر مواجهة "عقيمة" في ملف التمديد

16:182014/08/14
A
|
A
|


لا يمكن أن يتجاهل المراقب بوادر المواجهة المنتظرة حول ملف التمديد لمجلس النواب لفترة إضافية ما زالت مدتها غامضة، وهي التي ستحتسب بدءاً من عشرين تشرين الأول المقبل تاريخ إنتهاء ولايته الممددة للمرة الأولى منذ حزيران العام الماضي.
 
وقد ظهرت هذه المؤشرات السلبية من خلال الموقف المتشدّد الذي عبّر عنه رئيس المجلس النيابي الرئيس نبيه بري، الذي قال في المجلس الحالي ما لم يقله "مالك في الخمرة"، عندما أكّد أمام نواب شاركوا في لقاء الأربعاء النيابي أمس، قائلاً إن هذا الموقف "لا يندرج في إطار المناورة السياسية كما يتراءى للبعض"، وتساءل "ما هي فائدة التمديد لمجلس معطل لا يشرع ولا يلعب دوره كاملا؟".
 
وانطلاقاً مما تقدّم، يبدو للمراجع الدستورية أن موقف الرئيس بري لا يمكن البناء عليه من الناحية القانونية والدستورية ما لم ينتخب هذا المجلس نفسه رئيساً جديداً للجمهورية ضمن ولايته الحالية قبل التفكير بأية خطوة أخرى. وهو أمر يعرفه الرئيس بري أكثر من غيره ويدرك أنه لا يمكن تجاوزه. وعندها - أي بعد انتخاب الرئيس العتيد - يمكن اللجوء الى أي سيناريو آخر.
 
وتضيف المراجع الدستورية إنه لا يمكن استيعاب أي موقف للرئيس بري لا يحترم أولوية انتخاب الرئيس، واضعة موقفه في إطار المناورة السياسية - رغم رفضه ذلك - ليستعجل انتخاب رئيس الجمهورية، من خلال وضع الجميع أمام مسؤولياتهم وحثّهم على إتمام الانتخابات الرئاسية قبل انقضاء ولاية المجلس النيابي الحالية.
 
وتوقفت المراجع باستغراب أمام مسلسل الحجج التي صاغها الداعون الى التمديد لمجلس النواب وخصوصاً لجهة ربطها بالوضع الأمني، معتبرة أن المنطقة التي تشهد توتراً أمنيا يمكن إرجاء إجراء الإنتخابات النيابية فيها الى الوقت الذي يستوي فيها الواقع الأمني لضمان حرية الناخبين والمرشحين في آن، مخافة أن يؤدي أي طعن أمام المراجع الدستورية الى إلغاء نتائج إنتخابات تجري في ظروف غير ملائمة.
 
وعلى هذه الخلفيات، ترى مراجع سياسية خارج إطار الإصطفاف القائم، أن الإستثمار في موقف الرئيس بري لا يعدو كونه من باب التكتيك السياسي. فالإشارات التي أرسلها "حزب الله" لجهة إمكان التزامه موقف الرئيس بري في رفض التمديد لمجلس النواب سيزيد من قوة الموقف، خصوصاً إذا ما انضم هذا الرفض الى موقف "التيار الوطني الحر" الذي يرفض التمديد لأسباب باتت معروفة، مع الإشارة الى أن موقف التيار سيقود إلى موجة من المزايدات على الساحة المسيحية والمارونية تحديداً، وهو جاء متمايزاً عن مواقف لقيادات وكتل نيابية مسيحية أخرى كموقف حزب "الكتائب" و"القوات اللبنانية" الذين يرفضون التمديد كموقف مبدئي ينتهي مفعوله بربطه بأولوية انتخاب الرئيس العتيد للبلاد قبل القيام بأي عمل آخر.
 
وفي ضوء هذه الحسابات، يبقى أن من يؤيد التمديد علناً يقف عند حدود تفاهم كتلتي نواب "المستقبل" والحزب "التقدمي الإشتراكي" وموقف كتلة نواب "لبنان الحر الموحّد" بزعامة النائب سليمان فرنجية ومعهم نواب مستقلون يجاهرون بمطلبهم الداعي الى التمديد.
 
وثمة من يقول إن المواجهة المرتقبة ستجري على خلفية "النقاش في جنس الملائكة". فدعاة التمديد يدركون سلفاً أن الواقعية السياسية ستفرضه من دون ثمن يسعى إليه البعض. فـ"اللعبة" باتت مكشوفة بالإستناد إلى المنطق القائل بأن موقف الرئيس بري ومعه "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" يدفعون من خلال رفضهم التمديد، في اتجاه أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، الذي سيكون على الأرجح من خارج المواجهة الثنائية القائمة بين الدكتور سمير جعجع، والعماد ميشال عون، وما بينهما النائب هنري حلو.
 
والى أن تحمل الأيام مزيداً من المواقف التصعيدية ما دام  طرفا الصراع لا يملكان قدرة حسم الأمر لصالحه أي منهما، وذلك من باب "الجدل بين العاجزين" وهو أمر ستكون فيه المواجهة عقيمة وعلى حد السكين، مع احتمال أن تنتج حلولاً يتمنى كثر ألا تكون على "الحامي" توصّلاً الى تفاهم على اسم الرئيس العتيد، الذي قد يفرض فرضاً بين ليلة وضحاها.

المصدر: لبنان 24

على مدار الساعة
على مدار الساعة
اشترك بالنشرة الاخبارية للموقع عبر البريد الالكتروني