حسان الحسن- الثبات
يحاول العدو “الإسرائيلي” إعطاء “سمة” للموحدين في سورية؛ أنهم بعض دروز فلسطين المحتلة، أو أنصار النائب وليد جنبلاط، أي يعقدون “تحالفات الضرورة” مع أي كان في سبيل البقاء في الأرض، كما فعل “بيك المختارة” عندما تحالف مع سورية، التي ثبتت وجوده في “حرب الجبل” يوم صد الجيش السوري وحلفاؤه، لاسيما “الجبهة الشعبية – القيادة العامة”، هجوم “القوات اللبنانية” على معاقل “الحزب التقدمي الاشتراكي” في منطقتي عاليه والشوف في العام 1983، ثم عزّزت دمشق الحضور الجنبلاطي في مؤسسات الدولة اللبنانية، خصوصاً في المجلس النيابي، من خلال إقرار قانون انتخابي في العام 1992، قسّمت بموجبه محافظة جبل لبنان بمفردها إلى أقضية، لتأمين فوز “البيك التقدمي” وكتلته في الانتخابات النيابية في حينه، ثم عاد بعدها وتحالف مع “أعداء الامس”، وأعلن العداء على سورية وقيادتها غداة انسحاب جيشها من لبنان، كل ذلك في سبيل تأمين مصالحه السياسية والانتخابية، والمالية أيضاً.
لاريب أن واقع مؤيدي جنبلاط ودروز فلسطين المحتلة الذين انخرطوا في “الجيش الإسرائيلي” لا ينطبق على الموحدين في الجارة الأقرب، فهم مكوّن رئيسي من المجتمع، وعنصر سيادي في رسم الكيان السوري الراهن، ولهم باع طويل في محاربة الغزاة والدخلاء، خصوصاً الأتراك والفرنسيين؛ فهم من قادوا الثورة السورية على الاستعمار، فقد أسندت قيادتها إلى سلطان باشا الأطرش في العام 1925.
واستمرت تضحيات الموحدين، حيث شاركوا بفاعلية في حرب تشرين ضد العدو “الإسرائيلي” في العام 1972، وقدّموا آنذاك كوكبة كبيرة من الشهداء في سبيل تحرير أرضهم، وهاهم الآن يقفون إلى جانب جيشهم في مواجهة الإرهاب والتكفير، وتجلّت مؤخراً أبرز محطاتهم البطولية في الدفاع عن مطار “الثعلة” في جبل العرب، حيث صدّوا إلى جانب القوات المسلحة الهجوم التكفيري على القاعدة الجوية، فكان بمنزلة الرد الأول على دعوة “إسرائيل” الاحتوائية لموحدي سورية.
يُذكر أيضاً أن دروز الجولان يرفضون حمل الجنسية “الإسرائيلية”، رغم معاناتهم على امتداد نحو نصف قرن، ويؤكدن في كل مناسبة اعتزازهم بوطنهم وقيادتهم.
إذاً، الموحدون في سورية ليسوا معنيين ولا مرتبطين بمشاريع بعض زعماء الطائفة في خارج سورية، لاسيما مراهنات جنبلاط، الذي أحرق كل المراكب مع دمشق، وأصبح مرتهناً بالكامل للمشروع الأميركي – السعودي في المنطقة، ولم يعد مقبولاً ولا بأي شكل من الأشكال لدى الشعب السوري، حسب ما تؤكّد مصادر قريبة من دمشق. وترى أن “بيك المختارة” خسر وسيخر كل مراهناته الخارجية، وقد تكون مقدمة لانكفائه، مؤكدة أن همّه الأساسي اليوم وشغله الشاغل توريث الزعامة لنجله تيمور، لا أكثر.
وبالرغم من أن الدروز هم أقلية أقلوية في المنطقة، لكن بعضهم يبدو أنه يراهن على أن يضطلع بمهمة دولية، أو أن يحظى بغطاء دولي؛ تماماً كما الأكراد الذين بدا أن الأميركيين قد جعلوا من اقتحام مناطقهم خطاً أحمر، لكن هل ينجح هذا الأمر؟
من الصعب التكهن برغبة الأميركيين بالحفاظ على الدروز كما تم الحفاظ على الأكراد، وقد يكون مفيداً الدرس الكردي للدروز، فأكراد العراق الذي سهّلوا غزوة “داعش” للموصل في البداية، اضطروا للدفاع عن بيوتهم في نهاية المطاف، ولم تنفعهم المهادنة مع الإرهاب، وها هم الدروز اليوم يواجهون نفس المصير، وما عليهم إلا الاتعاظ من العبرة الكردية، واستخدام نفس الطريق: الدفاع عن النفس، وعدم الاتكال على “أخلاقيات” الإرهابيين أو تعهداتهم بتحييد الدروز.